رواية خالدة تأخذك في رحلةٍ ممتعة إلى أرض الفلسفة من قبل أرسطو حتى اليوم - عالم صوفي-

 

رواية خالدة تأخذك في رحلةٍ ممتعة إلى أرض الفلسفة من قبل أرسطو وحتى اليوم

لماذا نخاف من الفلسفة؟

تعتبر الفلسفة من المجالات المعرفية التي يصعب على القارئ العادي الدخول في غمارها، ومن جملة من المبررات أنها فكر معقد وحشو للكلام   ومعطيات لا فائدة منها، غير أن هذا الكلام لا يتصف بالمصداقية والجدة، لأن الفلسفة تمثل جوهر الفكر الإنساني، من خلال الرؤية العقلية التي يحملها الإنسان حول نفسه والمحيط الذي يعيش فيه.

كل واحدا منا لديه فلسفة في الحياة، أي رؤية وطريقة أسلوب يتعامل فيه، مع نفسه والمحيط الذي يعيش داخله مما يعكس تصورا معين حول الحياة والتجربة الوجودية، لهذا نحتاج إلى حشد أذهاننا عن طريق قراءة بعض الكتب الميسرة، التي قد تكون طريقا نحو فتح فضاء أذهاننا حول بعض الأسئلة والاشكالات التي تشغل بال كل إنسان، لكننا ننساها ونغفل عنها مع سرعة الحياة والدخول في الروتين اليومي، حياة القطيع.

عالم صوفي – جوستاين غاردر رواية عالم صوفي

بداية أريد أن أرشح لكم رواية جميلة وممتعة، قد تكون البوابة الأولى لدخول عالم الفلسفة بالنسبة لتلاميذ والطلاب، الذين يريدون معرفة الفلسفة من خلال عالم الرواية الذي يحضر فيه التشويق والإثارة وطرح الأسئلة، إنها رواية "عالم صوفي" للكاتب النرويجي، جوسيان غاردر، صاغ الرواية بأسلوب أدبي مثير، تدور أحداث الرواية حول فتاة صغيرة اسمها صوفي، فتاة صغيرة تعيش مع والدتها لم تجتز 15 عامًا من عمرها بعد، تفتح صندوق بريدها ذات يوم فتجد سؤالين من أنت؟ ومن أين جاء العالم، تلك الأسئلة التي تعتبر الإشراقة الأولى في العقل الإنساني، أسئلة كانت البداية لفتح باب التفكير في الحياة والوجود هذا الباب الذي لم يُغلق حتى الآن.

كانت هذه المرحلة بداية تعلم الفلسفة، مع أستاذها الذي يكشف عن نفسه بأسلوب تدريجي، لكما بدأت صوفي تتعلم شيئا جديدا، أصبحت أكثر إنفتاحا وتنمو شخصيتها بأسلوب متطور. وتبدأ في التحول من النظرة السطحية لنفسها والعالم من حولها، مما ساهم في تطور نظرتها إلى العالم التجربة الوجودية.

السؤال هو ما يجعل من الإنسان متميزا:

هذه الرواية تمثل تجربة فريدة في رصد أهم الأسئلة التي تشغل بال الإنسان وتتطور مع الوقت، على المستوى الذهني، لدى أكثر الناس بساطة بهذا المعنى تصبح الأسئلة الفلسفية، موضوعا يشغل بال الجميع، لأنها تطرح أسئلة حول الكينونة والوجود الإنساني بكل أشكاله وأنواعه على المستوى النفسي والاجتماعي، والثقافي والعاطفي.

و الذي يشد الانتباه في هذه الرواية قدرتها على رصد الأبعاد الفلسفية بأسلوب عقلاني منطقي، يستطيع أن يشد انتباه المتلقي، بكل أشكال المعرفة بالمعنى العقلاني والمنطقي، وعليه فإن الحبكة الدرامية لهذه الرواية، استطاعت أن ترصد الفلسفة منذ بدايتها لدى اليونان مع إبراز الإرهاصات  تشكلها، حتى الفلسفة المعاصرة، و بطريقة بسيطة تعطي أي قارئ فكرة عن الفلسفة وأهم حكمائها ورواد مدارسها. كما أنها قدمت جملة من التساؤلات الكبرى في الوجود الإنساني، مثل معنى الحياة الصراع ين الخير والشر، سؤال معنى الوجود؟

  البداية من اليونان:

إذا كانت الفلسفة تمثل حب الحكمة، فإن الرواية التي كتبها، النرويجي جوستاين غاردر، تنطلق الفلاسفة من القرن السابع قبل الميلاد، وعبر الفلاسفة الطبيعيين الذين حاولوا في بلاد الإغريق البحث في الطبيعة للوصول إلى حقيقة الإنسان، فقالوا إن الوجود يتألف من أربعة عناصر هي الهواء والماء والتراب والنار، ثم بعدهم جاء الفلاسفة السفسطائيون الذين يعتبرون أنفسهم نخبة فكرية وكانوا يتناولون الحياة اليومية العادية، ويتكلمون مع الناس في شؤون حياتهم، ويتقاضون مقابل ذلك أجوراً مادية.

سقراط أبو الفلسفة: أنا أعرف شيئا واحدا هو أنني لا أعرف شيئا

في حوالي 450 قبل الميلاد كانت أثينا عاصمة بلاد الإغريق، ومعها بدأ العصر الحقيقي للفلسفة عبر سقراط الذي عاصر السفسطائيين وانطلق مثلهم من الحياة اليومية للناس، ولكن لم يكن يتقاضى مقابلاً مادياً، وهم لم يعتبر نفسه بالأساس من العلماء.

تستمر الرواية في إعطاء نظرة سريعة عن أهم المحطات الفلسفية التي مرت عبر التاريخ، بأسلوب مقبول وبسيط يمكن القارئ المبتدئ من أن يأخذ نظرة عامة عن معنى العقلانية وطبيعة العلاقة بين الحس والعقل لدى أفلاطون، ومعنى الوجود عند سارتر. إذا يمكن القول أن قراءة هذه الرواية سوف تفتح شهية القارئ من أجل الإطلاع أكثر على الفلسفة  وإدارك قيمتها ودورها في مساعدتنا على تعلم التفلسفة والتفكر بشكل مستقل عن المحيط قصد إمتلاك الحرية والارادة والإستقلالية الذاتية.

قراءة ممتعة...............................ز