التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

كيف فسر فرويد أسباب ظهور الاضطرابات؟ ثورة أكتشاف اللاشعور

 



فرويد ومفهوم اللاوعي:

سيجموند فرويد Sigmund Freud عالم القرن العشرين بلا منازع، الذي دخل المدرسة عام 1873 وتخصص في علم الأعصاب وعندما فتح عيادته الخاصة لعلاج الاضطرابات النفسية، أدرك أن معظم مرضاه ليس لديهم معرفة واعية عن الدوافع التي تكمن وراء سلوكهم.

بين فرويد أن معظم سلوكياتنا هي نتاج عمليات ذهنيّة غير مرئية، وقد تُرجمت هذه الفكرة في الصحة النفسية وأدت إلى طرق جديدة في فهم الدوافع، والعواطف البشرية.

لكن قبل فرويد كانت هذه العمليات تعدّ شاذة وغريبة، ولا أحد يعتني في تفسيرها أو كانت تُفسّر على أساس أنها أعمال شيطانية، أو على أنها إرادة شريرة، أو ما شابه، وقد أصر فرويد أن سببها هو طبيعة الدماغ والدوافع التي تحدد الحياة النفسية.

كيف عالج فرويد مرضاه؟

فقد كان يطلب من بعض مرضاه الاستلقاء على كنبة في مكتبه، بحيث لا يمكنهم النظر إليه مباشرة، وكان يطلب منهم الحديث عن أنفسهم، ففي تلك الفترة التي لم يكن فيها تصوير الدماغ ممكناً، كانت هذه أفضل طريقة للولوج إلى عالم الدماغ اللاواعي، وكانت طريقته في جمع البيانات من خلال الأحلام، وزلات اللسان وعثرات القلم، وكان يُراقب مرضاه مثل المحقق في الروايات البوليسية، باحثاً عن كلمات مفتاحية في الآليات العصبية غير الواعية، التي لم يكن للمرضى أي تصور عنها.

وقد بدا الرجل مقتنعاً بأن الدماغ الواعي هو مثل رأس جبل جليدي يطفو فوق سطح الماء، وهذا ما نُسمّيه العمليات العقلية، ولكن في الحقيقة فإن الدوافع، والأفكار، والسلوك التي تسببها كلها تقبع في الجزء غير المرئي من قاعدة الجبل الجليدي.

ويبدو أن أفكار فرويد صحيحة؛ لأن أحد نتائج أفكاره أننا لا نعرف جذور خياراتنا، فأدمغتنا تقوم دائماً باستلال المعلومات من البيئة واستخدامها في توجيه السلوك، ولكن تأثيرها علينا لا يبدو مُدركاً.

 خُذ مثلاً تأثير ما يُسمّى بـ عملية البرمجة التي يُؤثر فيها شيء ما على إدراكنا لشيء آخر، فعلى سبيل المثال إذا كنت تحمل شراباً دافئاً فإنك ستصف علاقاتك بأحد أفراد الأسرة بطريقة مُحبّبة أكثر مما لو كنت تحمل شراباً بارداً، حيث ستصف رأيك في العلاقة مع أفراد عائلتك بطريقة باردة، لماذا يحدث هذا؟ لأن آليات عمل الدماغ في الحكم على العلاقات تتشابك مع آليات الحكم على الأشياء المادية.

 ولذلك فإن الواحدة تؤثر في الأخرى والنتيجة أن رأيك في بعض الأشياء يكون بمستوى العلاقة مع والدتك، ويُمكن أن ينعكس على نوع الشراب الذي تتناوله بارداً أو ساخناً، وبالطريقة نفسها، عندما تكون في بيئة ذات رائحة كريهة، فإنك عُرضة إلى أن تتخذ قرارات قاسية وغير أخلاقية فعلى سبيل المثال: يُرجّح أن تحكم على شخص ما من خلال سلوكياته بصورة يعتقد فرويد (Freud) أن الدماغ مثل الجبل الجليدي.

تجارب علمية تؤكد فرضية اللاشعور:

في كتابهما المعنون بـ الإيعاز (Nudge) قام ريتشارد ثالر وكاس سانستين (Richard Thaler & as Sunstein) بوضع منهج لتحسين قراراتنا حول صحتنا وثروتنا وسعادتنا من خلال التلاعب بالشبكات العصبية غير الواعية للدماغ، فبوخزة بسيطة في البيئة التي نعيش فيها، يمكننا تغيير سلوكنا أو قرارنا إلى الأحسن دون وعي منا، فمثلاً عرض الفواكه في متجر يدفع الناس إلى اتخاذ قرارات صحية أكثر، ووضع صورة لذبابة في المبولة في المطارات يُشجع الرجال على التبوّل داخل المبولة أكثر، إن الاختيارات التلقائية للموظفين لخطط التقاعد (إعطاؤهم الحرية في اختيار ما يريدون يقود إلى توفير أكثر، وتُدعى هذه العملية حسب رأي الباحثين اللذين يعتقدان أن التوجيه اللطيف للعقل الباطن له تأثير بالأبوة فعال على اتخاذ القرارات أكثر من إجبار الناس على الاختيار.

قام عالم النفس جون دونز John Dones وزملاؤه بالنظر إلى سجلات الزواج في ولايتي جورجيا وفلوريدا اكتشفا أن الزوجين يحملان نفس البدايات في أسمائهما أكثر مما هو متوقع، أي أن (Jennis) يُحتمل أن ترتبط بـ (Joel)، والآنسة (Alex) يُحتمل أن تتزوج من السيد (Amy) و (Donny) من (Daisy). إن هذه الآثار غير الواعية بسيطة ولكنها قابلة للاستقصاء والبحث.

وفي الحقيقة هكذا يحدث الحب، فإنك تجد نفسك ميالاً لبعض الناس دون غيرهم وبشكل عام فإنه لا يمكنك أن تعرف لماذا تميل لذلك الشخص، ويُفترض أن هناك سبباً ولكن أنت لا تعرفه ببساطة.

وفي تجربة أخرى قام جفري ميلر (Geoffrey Mailer وهو أحد علماء النفس التطوريين بتحويل انجذاب الرجال للنساء إلى أرقام كمية من خلال تسجيل عدد ضم الرجال إلى هذه المرأة جذابة على مقياس من 1 إلى ۱۰، وفيما إذا كانت صاحبة الصورة سعيدة أم حزينة بخيلة أم كريمة طيبة أم سيئة. وبما أن الصور كانت غريبة على المشاركين، فقد تم تحوير بعضها، وتغيير حجم بؤبؤ العين في نصف صور النساء اللواتي شاركن بالتجربة.

النساء أثناء الرقص في أحد أندية العُري، وتتبع ذلك من خلال التغيرات التي تحصل على الدورة الشهرية للنساء فقد اتضح أن الرجال يحضنون النساء مرتين حينما يكُنَّ في مرحلة الخصوبة، والعدد نفسه حينما يكُن في غير مرحلة الخصوبة، ولكن الشيء الغريب أن الرجال لم يكونوا على وعي بالتغيرات البيولوجية التي تحدث للنساء، أثناء الدورة الشهرية (أي حينما يكن في فترة الخصوبة ينطلق هرمون الإستروجين ليغير مظهرهن بشكل واضح، فيجعل ملامحهن متجانسة وجلدهن أكثر نعومة وخصرهن دقيقاً) ولكنهم اكتشفوا أنهنّ في فترة الخصوبة من خلال ما يُدعى «رادار الوعي».

تكشف هذه التجارب عن شيء هام، وهو كيف تعمل أدمغتنا؟ فعمل الدماغ هو جمع المعلومات عن العالم الخارجي، وتكييف سلوك الإنسان بطريقة مناسبة له، دون أن يكون لحالة الوعي أي أثر في ذلك، وفي معظم الأوقات يغيب الوعي تماماً، ولا يبدو الإنسان واعياً للقرارات التي يتخذها دماغه نيابةً عنه.

-       التدفق الذهني اللاواعي:

خلال عملية التدفق الدماغي، يدخل الدماغ في حالة تُدعى تعطيل القشرة الدماغية الأمامية، تُعني أن أجزاء القشرة الصدغية تُصبح أقل نشاطاً لفترة مؤقتة، وهذه المناطق هي المسؤولة عن التفكير المجرّد والتخطيط للمستقبل، والتركيز على فهم الذات.

لهذا فإن تنشيط الخلفية المعرفية لهذه العمليات هي مفتاح الحركة الذي يسمح للشخص أن يتعلق في نصف المسافة أثناء تسلقه للصخور، ومثل هذه الأعمال التي يقوم بها دين يُمكن أن تحدث فقط في حالة عدم الاستماع لجهاز الوعي الداخلي.

-       الكهوف العميقة للاوعي

يبسط العقل الباطن (اللاوعي) نفوذه ليس فقط على أجسامنا، بل يُشكل حياتنا بطرق معمقة، فعندما تدخل في نقاش مع شخص ما المرة القادمة، حاول أن تنتبه للكلمات التي تخرج من فمك بصورة أسرع مما يُمكنك، مُراقبته وإخراجه على شكل كلمة كلمة، وهذا يعني أن الدماغ يعمل خلف الستارة، ويتفنن في إنتاج الكلمات، وتنميق العبارات، وصياغة الأفكار المعقدة دون أن تدرك كيف يتم ذلك على المستوى الذهني.

وبالطريقة نفسها يعمل الدماغ خلف المشهد في إنتاج الأفكار، فنحن نستلف بشكل واع كل أفكارنا، رغم أننا قمنا بكامل جهدنا في توليدها، ولكن في الحقيقة، دماغك اللاواعي هو الذي يسهل علينا استهلاك اللغة التي تعلمنها منذ نعومة أظفارنا أي في مرحلة الطفولة.

عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات