التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

مواقع التواصل الاجتماعي وهندسة الإدمان

 شبكات الإدمان.. خطر وسائل التواصل يماثل الكحول والمخدرات



نعيش اليوم في ثورة علمية غير مسبوقة، المعلومات والمعطيات التي توجد اليوم في المختبرات والمعاهد تمكنت من التحكم في الجمهور، أثناء قيامك بشيء ما أو أثناء ساعات العمل من الممكن أن يصلك إشعار على هاتفك الذكي، تفتح هاتفك لترى ماهية هذا الإشعار، تنقر عليه لفتح التطبيق، ومن ثمَّ تمضي بك الساعات داخل هذا التطبيق دون أن تدركر هدفك تجاه هذه الساعات الطويلة التي تمضيها وفي أخير تخرج خاوي الوفاض.

هل حدث معك مثل هذا السيناريو مسبقاً؟

اليوم أكثر معلوماتنا ومعطياتنا نأخذها من عالم الأنترنيت، ذلك نتيجة التطور الذي عرفه مجال الرقمنة، لكن الغريب في الأمر أن هذا التطور الهائل تحتكره مجموعة من الشركات المحدودة مثل فيسبوك و غوغل وأمازون ...، الشيء الذي مكنهم في إدراك وفهم الأفكار والتوجهات والخلفيات التي تتحكم في قراراتنا ومواقفنا، على المستوى الفردي والجماعي.

لذلك  لا تستغرب فأنت واحد من بين عشرات الملايين الذين نجحت شركات التطبيقات في خداع أدمغتهم والسيطرة عليها، ذلك من خلال جعلك مدمنا على الولوج إليها لبطرق وأساليب مختلفة  متنوعة، تعتمد فيها على أهم الدراسات العلمية في مجال العلوم الإنسانية، خصوصا علم الأعصاب الذي يهتم بالتركيز وفهم الأليات التي تجعل البعض يدمن على بعض الأفعال والسلوكيات المعينة.

ولكن كيف حدث ذلك؟



استراتيجيات وسائل التواصل في صناعة الإدمان

1- استراتيجية المكافئة:

نعرف جميعا أن الدماغ البشري يشتغل بمنطق المكافئة، حيث توجد جملة من الهرمونات داخل الدماغ، كل واحدة تختص بمجال معين، منها ما يفعل حالة التوتر والقلق، ومنها ما ينتج حالة السعادة والاسترخاء والراحة.

وقد أدركت هذه الشركات، أنه توجد دائرة للمكافئة داخل الدماغ البشري، تتألف من  ثلاث في مجملها حلقة متكاملة من الفعل القابل للإدمان، في البداية يكون هنالك التنبيه لجذب الانتباه، ومن ثم يتم الرد على هذا التنبيه من خلال فعل معين، وفي النهاية تُقدّم مكافأة تتناسب مع هذا الفعل، بعد تكرار ذلك السلوك يصبح شيئا تلقائيا على مستوى الدماغ، يدفع الدماغ إلى إفراز هرمون الدوبامين والسيروتونين المسؤولان عن حالة الراحة والاسترخاء.



مواقع التواصل الاجتماعي وهندسة الإدمان

مثلا الإشعارات التي تصلنا من مواقع التواصل الاجتماعي، تعطينا إحساس بالقيمة والمكانة، الشيء الذي يولد نوعا من الاشتراط النفسي، كلما تصلنا  إشعارات ما (تنبيه)، نضغط عليه لفتح التطبيق، نرى إعجاب وتعليق صديق على إحدى صورنا (مكافأة)، وهكذا نستمر بالدوران في هذه الحلقة للعودة باستمرار إلى هذه التطبيقات وبشكل غير إرادي في معظم الأحيان، تتولد عنه حالة من الإدمان الغير واعية.

هذا الأمر لم يكن اعتباطي، لأن هذه الشركات اعتمدت على مجموعة من التقنيات قصد التأثير على المتلقي المستهلك، وذلك من خلال مجموعة من المختبرات العلمية، التي تدرس وتحلل البيانات الخاص بمستخدمي هذه الوسائل وتحاول أن تدرس ما هي الدوائر التي تتعزز فيها حالة المكافئة؟، وما هي أهم دوائر الاهتمام الخاص بالإنسان؟ حيث وجدو أن معظم الناس يسعون بعد توفير الحاجات البيولوجية، إلى التقدير والاحترام، والتواصل بشكل حسن، وعليه قامت شركات مواقع التواصل بتطوير مجموعة من التقنيات التي تحفز الحالة النفسية التي تدفع الجسم إلى إفراز الهرمونات المسؤولة عن الاحساس بالمتعة والتقدير.

 تقنية التشريط  السيكولوجي:

هل لاحظت مسبقاً ما الذي يحدث عند تواجدك في غرفة مع أشخاص آخرين لديهم نفس نغمة الاتصال أو نفس صوت الإشعارات؟ عند وصول تنبيه إلى أحدهم (رسالة على المسنجر مثلاً) سوف يبدأ الجميع بتفقد هاتفه بشكل غير إرادي تلقائي نتيجة حالة الإدمان التي نمر بها دون أن نشعر.

هذه الحالة استمدت شهرتها من التجربة الشهيرة التي قام بها العالم الروسي بافلوف، والتي أكد من خلالها نظرية "التكيُّف الكلاسيكي"، والتي تنص على فكرة أساسية مفادها، أن  ارتباط محفّز شرطي مع محفز أساسي لفترة زمنية وبشكل متكرر، سوق يقود إلى إثارة استجابة مماثلة للاستجابة التي كان يثيرها المحفز الأساسي مسبقاًالأمر نفسه يحدث لنا حينما نفتح هواتفنا، تقع حالة من التحفيز الغير الواعي، قصد حمل الهاتف واستعماله، ولكن بعد فترة من الاستخدام أصبح مجرد صوت الإشعار يحفز استجابتنا لفتح الهاتف وربما لفتح التطبيق أيضاً.

 الإشراط الإجرائي:

معظم الإشعارات التي نجدها في مواقع التوصل، تكون عبارة عن نصوص قصيرة، حتى لا تأخذ حيزا كبيرا من الوقت، لكنها تصبح فعلا دوريا، متكرر الشيء الذي يجعل منها  فعلا مستمر مع الزمن كل اليوم، تصبح إشراط جزئي.

العديد من تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وغيرها تتقصّد هذا الأمر، حيث تحرص على ذكر بعض من المعلومات في إشعاراتها لإثارة فضول المستخدم، الذي سوف يدفعه فضوله لفتح التطبيق والعودة إليه بشكل متكرر، أو حتى المكوث فيه والانتظار، وهذا ما يسمى بالإشراط الإجرائي، وهو عبارة عن مجموعة من الإجراءات التي يتعرض لها الشخص ضمن شروط معينة، و من أجل أن يتعلم نمط محدد من السلوك.

صناعة الإدمان المستمر مع الزمن:  حيث أن جميع هذه التطبيقات أصبحت تعتمد على خوارزميات متقدمة لتصنيف المحتوى اعتمادا على تفضيلات المستخدم وأصدقائه، ووضع المنشورات والتغريدات في صفحته الرئيسية وفقاً لذلك.

وبالفعل هذا هو العذر الذي تتستر خلفه تطبيقات التواصل الاجتماعي، عندما تصنع نموذج افتراضيا لكل مستخدم فإن يصبح جزء جوهريا من شخصيته لا يمكن الاستغناء عنه، وبالتالي زيادة وقت المكوث في التطبيق، الأمر الذي سوف يعود بالفائدة على هذه الشركات من خلال زيادة إيرادات الإعلانات.

حسب الإحصائيات الأخيرة فإنَّ شركة مثل “فيسبوك” تقوم بوضع ما يقارب من 1500 منشور على صفحة المستخدم الرئيسية يومياً، الأمر الذي سوف يستغرق ما يقارب من 25 ساعة لتصفح هذه المنشورات بشكل يومي.

فكر مرَّة أخرى قبل أن تخرج:

في حال كنت تتصفّح إحدى تطبيقات التواصل الاجتماعي وسئمت من تصفّح المنشورات، وأردت أن تخرج من التطبيق من خلال الضغط على زر الرجوع، فإنَّ معظم التطبيقات أصبحت تعيدك إلى بداية الصفحة وتعرض لك أفضل منشور تعتقد أنَّه سوف يثير اهتمامك، في محاولة منها لإعادتك إلى التصفح، إنها تقنيات دقيقة تعمل على جعلك منغمسا في هذه التطبيقات دون أن تخرج منها بفائدة محددة أو شيء يخدم مصلحتك.

والجدير بالذكر أن معظم تطبيقات التواصل الاجتماعي أضافت في السنوات الأخيرة متصفحاً بداخل تطبيقاتها، حتى لا يضطر المستخدم للخروج إلى متصفح خارجي عند النقر على أحد الروابط وذلك كي يبقى بداخل التطبيق. 



كيف تتحرّر من تطبيقات التواصل الاجتماعي؟

طبعا لا توجد وصفة سحرية لأن، لأن هذه التطبيقات أصبحت جزء جوهري من وجدنا وكياننا، حيث لا نستطيع التخلي عن الهواتف الذكي ولو ليوم واحد، إنه أمر بالغ الصعوبة بسبب حالة الإدمان التي أصبحنا نعيشها اليوم، ويكاد أن يكون غير منطقي، لكنه خطير ويهدد الصحة النفسية لذواتنا ومجتمعاتنا.

خطوات عملية لتخلص من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي:

بيولوجيا الرغبة.. هل يمكن التوقف عن الإدمان دون مساعدة؟

·   حافظ على هاتفك بعيداً عنك قدر المستطاع، في حال كنت على رأس عملك أو حتى أثناء دراستك، من المفيد أن يبقى الهاتف بعيداً عنك أو في غرفة أخرى ريثما تنتهي، وذلك للتقليل من نسبة التشويش التي يسببها الهاتف.

·   قم بإيقاف إشعارات التطبيقات غير الهامّة، بإمكانك إيقاف إشعارات أي تطبيق من خلال الذهاب إلى الضبط ومن ثمَّ إلى مركز التطبيقات وإلغاء تفعيل خيار “عرض الإشعارات”، من خلال هذه الخطوة أصبح بإمكانك رؤية الإشعارات للتطبيقات الهامة فقط.

·   راقب الوقت الذي تقضيه في تصفح التطبيقات باستمرار، معظم أنظمة التشغيل أصبحت توفر إحصائيات خاصة للمستخدم تعرض فيها عدد الساعات التي يقضيها في استخدام التطبيقات يومياً.

·   في حال كنت تتصفّح مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الحاسب، بإمكانك تثبيت بعض الإضافات المفيدة إلى متصفحك والتي تساعدك في ضبط عملية التصفح، من أبرز هذه الإضافات هي إضافة Stop Scrolling Newsfeed for Facebook التي تعمل على تحديد الوقت الذي تريد أن تقضيه في تصفح صفحتك الرئيسية على موقع فيسبوك.

·   إمتلاك الوعي وعدم الانصياع وراء هذه التقنيات، والحصول على الفائدة والمتعة المرجوَّة منها، لأن المقاومة تولد الصلابة والقدرة على التحكم في الوضعيات التي نوجد داخلها.


عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات