أفضل كتب مصطفى محمود: مُفكّر وفيلسوف
وصل بالعلم إلى الإيمان
هل تريد التعرف على أفضل كتب مصطفى محمود الطبيب والكاتب الكبير الراحل، صاحب برنامج العلم والإيمان الشهير، الذي يعد واحدًا من أشهر الأدباء والمُفكرين في العالم العربي؟
يعتبر الكاتب مصطفى محمود من الكتاب العظام في النصف الثاني من القرن
العشرين الذي قدموا الكثير من الكتب والدراسات المفيدة، بلغة شيقة وبسيطة يفهمها
الجميع، حاول الجمع بين العلم والإيمان، من خلال توظيف أسلوب سلسل ومشوق يكون أقرب
لسرد والحكي حتى لو كان الحديث مرتبطا بالعلم والمعرفة الإنسانية.
حيث كتب د. مصطفى محمود حوالي 90 كتابًا ما بين الكتب العلمية والكتب الفلسفية والدينية والمقالات والقصص القصيرة والروايات والمسرحيات أيضًا، ومن جهة أخرى قدم جملة من البرامج العلمية والدعوية بأسلوب شيق وجميل، يملك روحًا مُرهفة لا تكف عن التساؤل، وعقله لا يتوقف لحظة واحدة عن العمل، من أجل أن يكتشف أسرار الكون التي لم يصل إليها أحد من قبل.
في هذه التدوينة سوف أشهير إلى بعض كتبه الشهيرة التي تستحق القراءة والمراجعة:
1-حوار مع صديقي الملحد:
هذا الكتاب صغير الحجم غير أنه أخذ شهرة كبيرة نظرا لأسلوبه الشيق
وطريقة التي تدور بها المعرفة والأحداث والناقش، عبر الحوار الذي يقيمه مع ملحد مفترض، يبدأ كل
مقالٍ منها بسؤال يسأله صديق د. مصطفى محمود الفرنسي الحائز على الدكتوراه،
والمُنكر لوجود الله، وباقي المقال ما هو إلا إجابة د. مصطفى محمود على هذا
السؤال، والتي على الأغلب ما تكون إجابة طويلة فيها الكثير من الاستطراد وضرب
الأمثلة.
من أشهر
مقاطع هذا الكتاب:
"سؤالـك
فاسـد .. ولا مطب ولا حاجة، فأنت تُسلّم بأن الله "خالـق" ثم تقول مَن
خلقـه؟! فتجعل منه خالقًا ومخلوقًا ًفي نفس الجملـة وهذا تناقض، والوجه الآخر
لفساد السؤال أنك تتصور خضوع الخالق لقوانين مخلوقاته، فالسببية قانوننـا نحن
أبناء الزمـان والمكـان، والله الذي خلق الزمان و المكان، هو بالضرورة فوق الزمان
و المكان، و لا يصـح لنا أن نتصوره مقيداً بالزمان والمكان، ولا بقوانين الزمان و
المكان."
معظم
الإجابات في هذا الكتاب ذات طابعة فلسفية علمية، تحاول بناء معرفة عقلانية وموضوعية حول الخالق بالقدر
الذي يمكننا من فهم ذواتنا والعالم من حولنا بأسلوب عقلاني منطقي. حيث يقول "رأيـت
الطبيعة بناءً مُحكمًا ومُتكـاملًا تستحيـل فيها الصدفة والعشوائيـة، بل كل شيء
يكاد يصرخ دبرني مدبّر، وخلقني مبدعٌ قدير […] هل تَعبُد المرأة الجميلة حُباً
بأمر تكليف؟ أم أنّك تتلذذ بهذا الحب وتنتشى وتسعد لتذوّقك جمالها؟ كذلك هو الله،
وهو الأجمـل من كل جميـل، إذا عرفت جلاله وجماله وقدره، عبدته ووجدت في عبادتك له
غاية السعادة والنشوة".
رحلتي من الشك إلى الإيمان:
مر الكاتب مطصفى محمود بجملة من التحولات والتغيرات الفكرية على المستوى الذهني والفكري، مما دفعه إلى تغير الكثير من القناعات والتصورات في تجاربه الحياتية، وقد مرّ برحلة الشك في وجود الله. وهي الرحلة التي تشبه رحلة الشيخ الغزالي، والتي خاضها لمدة 6 شهور فقط وسجلّها في كتابه (المنقذ من الضلال)، وهو الشيء الذي فعله د. مصطفى محمود في كتابه رحلتي من الشك إلى الإيمان والذي يعد من أفضل كتب مصطفى محمود وأكثرها شهرة، يرصد جملة التحولات الفكرية والعقدية التي كانت تخالجه على المستوى الذهني والعقلي، والأسئلة الوجودية الجوهرية التي قادته إلى خوض غمار تجربة الشك.
حيث يقول "ولـو أنّى أصغيـت إلى صوت الفطرة، وتركت البداهة تقودني، لأعفيتُ نفسي من عناء الجـدل، ولقادتني الفطرة إلى الله، ولكنني جئـت في زمنٍ تعقد فيه كل شيء، وضعف صوت الفطرة حتى صـار همسًا، وارتفع صوت العقـل حتى صار لجاجة وغروراً واعتدادا" يحاول الكتاب رصد أهم الأدلة والبراهين التي تؤكد على وجود الخالق والتأكيد على ضرورة موجد لهذا الكون الفسيح الذي لا يمكن أن يكون له معنى ودلالة بدون خالق."تغيـب عني تلك الأيام الحقيقة الأولـى وراء ذلك الجدل. إنّ زهوي بعقلي الذي بدأ يتفتح، وإعجابي بموهبة الكلام و مقارعة الحجـج التي انفردت بها، كان هو الحافز دائم، وكان هو المشجع، وكان هو الدافع، وليس البحث عن الحقيقة ولا كشف الصـواب. لقد رفضت عبادة الله لأنّي استغرقت في عبادة نفسي، وأعجبت بومضة النور التي بدأت تومـض في فكري، مع انفتاح الوعي وبداية الصحـوة من مهد الطفولة".
يتضح أن هذا الكتب ليس مجرد أفكار ومعطيات ومعلومات يقدمها الكاتب
إنما هو تجربة شخصية خاضها في محاولة لفهم وإدراك العالم بأسلوب يوافق بين فصاحة
ووضح العقل وانعتاق الروح والنفس من أجل إدراك جوهر الوجود باعتباره تجل لله
سبحانه وتعالى.
"إذا
خفيت عنا الحكمة في العذاب أحيانا ... فلأننا لا ندرك كل شيء ولا نعرف كل شيء، ولا
ندرك من القصة إلا تلك المرحلة المحدودة بين قوسين اسمها الدنيا ... أما ما قبل
ذلك وما بعد ذلك فهو بالنسبة لنا غيب محجوب ... ولذا يجب أن نصمت في احترام ولا نطلق
الأحكام."
أينشتين والنسبية: مصطفى محمود
يعد هذا الكتاب من أفضل الكتب العلمية التعليمية، التي تدرس القضايا الفزيائية والعلمية المعاصرة بأسلوب شيق وبسيط يستطيع الجميع فهمه وإدراكه، حيث نجده يقدم أبسط شرح ممكن لتوضيح النظرية النسبية العامة والخاصة التي قدمها العالم الفزيائي اينشتيان، بالإضافة لعدد من المفاهيم الفيزيائية المهمة الأخرى، كتبه بأسلوب الفلسفي سهل، حتى يتسّنى للقراء المهتمين بالعلوم على الأخص، استيعاب أحد أهم النظريات العلمية التي تم اكتشافها في القرن العشرين.
حيث يقول "رؤيـتنـا العاجـزة تـرى الجـدران صماء، وهـي ليست صماء، بل هـي مخلخلـة إلى أقصى درجات التخلخل! ولكن حواسّنـا المحدودة لا تسمح لنا برؤية ذلك. العالم الذي نراه ليس حقيقيًـا، إنّما هو عالم اصطلاحـي بحت نعيش به، معتقلين في الرموز التي يختلقها عقلنا، ليدلنـا على الأشياء الغير معروفة.. خضرة الحقول، زُرقة السماء، وكل الألوان المبهجة لا وجود لها أصلاً في الأشيـاء! إنما هي تفسيرات جهازنا العصبي وترجمته لموجات الضوء حوله"
يبدأ مصطفى محمود في الكتاب بشرح مبادئ بسيطة وهامة في علم الفيزياء، ومن خلالها ستدرك أنه لا يوجد شيء اسمه الحقيقة المطلقة أو الواحدة، إلا إذا كانت تعني وجود الله عزّ وجل، وما عدا ذلك كله مجرد افتراضات، لأن النظرة التي ندرك بها العالم تتغير مع الوقت الشيء الذي ينتج عنه اختلاف في الآراء والنتائج المميزة للوجود الإنساني بكل أشكاله وألوان.
ويقوم د. مصطفى محمود بعدها بشرح أبعاد النظرية الأربعة، الزمان والمكان والكتلة والطاقة، موضحًا أن جميعهم مقادير نسبية ومتغيرة وتتغير بحركة الجسم، وكيف أن الضوء ليس عبارة عن موجات كما كنا نظن، وإنما هو مادة، وأن الأشعة الضوئية لا تسير في خطوط مستقيمة وإنما تنحني وفقا لخطوط المجال، وكل ذلك كتبه بأسلوب سلس لا يحتوي على مصطلحات علمية معقدة، إذ بإمكان غير المتخصص أن يدرك قيمة وأهمية هذا النوع من المعلومات الفزيائية ويستطيع أن يمتلك فهما أوليا حولها.
"العلـم لا يمكنه أن يعرف ما هو الضوء، ولا ما هو الإلكترون. القوانين العلمية أشبه بالإحصائيات المتعلقة بأسباب الانتحار أو الطلاق، جميع النتائج احتمالية لأنها جميعها متوسطـات حساب لأعداد كبيرة." إجمالا يمكن القول أن هذا الكتاب شيق و يترك بصمته في القارء حيث يصعب أن نتجاوز الأسئلة و الإشكالات التي يطرحها الكتاب.
في الحب والحياة: مصطفى محمود
كتاب يدور حول العلاقات بين الرجال والنساء بمراجعة
نقدية لطبيعة العلاقات الزوجية وكيفية التعامل مع الحب والكره. يحاول الكاتب أن
يرسم ملامح علاقة زوجية مثالية مبنية على العنصر الأهم -وفق نظر الكاتب- وهو وجود
السكينة فيها.
وليس ذلك الحب الغريزي الذي لا يتأسس على الجوانب الطبيعية، دون تحمل
للمسؤولية والاحترام والتقدير الذي يعتمد على حسن المعاملة والأدب.
و كما هو موضح من العنوان، فكتاب في الحب والحياة يتناول آراء ومعتقدات د. مصطفى محمود الخاصة في الحُب والحياة بشكل عام، من خلال مقالات متعددة منقسمة إلى قسمين، قسم بعنوان الحب، وقسم بعنوان الحياة، تحدث فيها عن علاقة الرجل بالمرأة، وعن الهدف من هذه الحياة، وكيف يمكن الوصول إليه، وعن الصحة والمرض، وعن مواضيع أخرى كثيرة.
"إنّ القلـيل الذى تحبه يُسعـدك أكثر من
الكثير الذى لا تحـبه، والقليل يُحرك الشهيـة، بينما الكثير يُميتها، وبلا شهيـة
لا وجود للسعـادة. و القليل يُحفز على العمل، وفى العمل ينسى الانسان نفسه، وينسى
بحثه عن السعادة، وهذا في الواقع منتهى السعادة".
يعرض الكاتب في فقرات متنوعة من كتابه إلى قصص وأحداث متنوعة يحللها
بشكل نقدي وفلسفي وهي متنوعة ما بين سلوكيات اجتماعية شائعة وعلاقات زوجية وجرائم.
و يرى الكاتب ما أطلق عليه "الحب الشهواني" بأنه هو الحب
الأناني الصغير الذي لا يحالفه الفهم ولا العقل وبأنه من السهولة انتقاله إلى
الكراهية الشديدة، فهو لا يدل على إحساس كريم روحي رحيب، بل على شح وبخل وغرور
شديدين. ولهذا شبه الكاتب هذا النوع من الحب الحسي أو المادي المشروط بالحب الناري
الشبيه بالكراهية، التي يتحول لها تلقائيا عندما تنقص بعض المتعلقات التي كان
يؤديها أحد الطرفين إلى الآخر.