لماذا نحس في بعض الحالات بالقلق والعصبية دون أن نعرف السبب؟
كل شخص منا يمتلك طفلا داخليا غير راضي
عن نفسه، ندركه في بعض اللحظات حيث نحس
بأننا لسنا في راحة، و من خلالها يتم اشباع مجموعة من الدوافع الخفية على المستوى
النفسي في شخصية الفرد، وعلى هذا الأساس يجب فهم الكيفية التي
تتبلور هذه الألعاب وكيفية ايقافها.
هذا الأمر يكشف الكثير من الأسرار التي
تحصل على المستوى النفسي دون أن نعي ما هو السبب الأساسي الذي يقف عائقا أمام
اختيار التصرفات الصحيح والسليمة على المستوى النفسي، أثناء عملية التواصل لأن الطريقة التي ننظر بها للعالم تحدد طبيعة
شخصياتنا وتصوراتنا حول الحياة.
الاختلاف في التسجيلات النفسية لدى
الإنسان:
إن الاختلاف
بين الناس على مستوى التسجيلات يقود إلى التحيزات والاختلاف في المواقف والتصورات،
لهذا نحتاج أن نعرف حدود التسجيلات والفوارق الموجودة بين الناس وكيف تخلق
الاختلاف على مستوى التسجيلات والرهانات التي نسعى إلى القيام بها في الحياة.
مثلا الطفل الذي
تعرض لتسجيلات العنف الغير مبررة، حينما يكبر يظهر له أنه الجميع يهدده بشكل غير
واع، تحصل له حالة الهلوسة والاختلال، سبب الهلوسة هو التسجيلات العميقة لدى حالة
الطفل الشيء الذي يجعل الشخص يعيش حالة اختلال عاطفيي ونفسي.
الطفل الذي تعرض للاستبعاد:
توجد داخل الكثير من الأشخاص الجادين
الذين لا يعرفون سوى العمل والاجتهاد والمسؤولية، ويكون ذلك نتيجة التسجيلات التي
تعرض لدى هذا الشخص في مرحلة الطفولة حيث لم يكن لديه الوقت للمرح واللعب، كانت
دائما تسجيلات الوالد النقاد، تقر بأنه يجب أن يكون مسؤولا و أن لا يبدر الوقت في
الأنشطة الفارغة، لهذا تجد مثل هذه الأشخاص قليلو المرح، نتيجة لغياب التسجيلات
الطفل الحر التي ثم كبتها، وهنا يتم نوع من الاستبعاد وهذا الأمر سلبي على شخصية
الإنسان.
أهمية هذا النموذج في بناء العلاقات الإنسانية:
مثلا فتاة تسجيلات الوالد الداخلي تحب النظام
والترتيب الجيد، لأنها منذ الطفولة شاهدت أباها وأمها ينظمون شؤونهم بشكل محدد في المنزل الشيء الذي يقود إلى جملة من النتائج
أي أن تسجيلات الوالد عميقة، إذا تعرفت على شاب منفتح لا يعرف النظام أي تسجيلاته
تعتبر أن اللامبالاة وعدم التفكير في الأشياء هو نموذج الحياة، هنا يحصل عدم
التوافق بين التسجيلات النفسية، قد يكون
كلا الطرفين يحمل أخلاق وقيم إيجابية لكن هذه المعطيات مهمة لأنها ترتبط بالبناء النفسي
والعاطفي الوجداني للذات. لهذا نحتاج الانتباه إلى قضية الطبائع في بناء العلاقات،
لأنها تحدد طبيعة العلاقة التي ستكون في المستقبل، إذا التركيز عليها يؤثرا إيجابا
أو سلبا على هذه المسألة.
الإنسان يعيش حالة من التناقض والصراع
مع نفسه، نتيجة التوقعات والتصورات التي يضعها لنفسه والعالم من حوله، مما يؤثر في
الكثير سلبا على بناء العلاقات، الإنسان يستجيب بسرعة للشر، لأن الدماغ العاطفي وهو المسؤول عن الوظائف الانفعالية في
جسم الإنسان، لذلك ينظر إليه باعتباره المخ الانفعالي - Emotional brain فهو الذي يتحكم فينا حين تسيطر علينا
الانفعالات، كالشهوة والغضب والحب وغيرها من المشاعر.
المشكلة أن الإنسان في مرحلة الطفول
يكون دماغه العاطفي شبه مكتمل، لكن الدماع العاقل القشرة المخية المسؤولة عن
التفكير والإدراك والفهم تتطور بعد مرحلة طويلة من الطفولة، لهذا فإن الذاكرة
الانفعالية تكون قوية في مرجلة الطفولة، الشيء الذي يجعلها فاعلا مؤثرا قويا على
نفسية الإنسان، كما أقر فرويد حينما قال الطفل أب الرجل.
لهذا نحتاج فهم الحيل النفسية التي تستعملها الذات من أجل الوصول إلى
مبتغاها، لأنها الإنسان هو الكائن الواحد الذي يستطيع أن يكون له ظاهر وباطن على
مستوى هذا الوجود، قادر على أن ينتج جملة من الأبعاد والتصورات حوله، وكلها قد لا
تكون ذاته الحقيقة، وهذا ما يسميه علماء النفس الذات المزيفة، التي تخلق مجموعة من
الحيل النفسية والألعاب لكي تبتث وجودها وحضورها على المستوى النفسية.
الألعاب النفسية:
وهذا ما نسميه الألعاب النفسية، التي صكها المحلل النفسي الأمريكي
إريك بيرن، حينما طور مجموعة من الأليات العلاجية عن طريقة جلسات العلاج الجماعي،
حاول تتبع المسار النفسي الذي تتبلور من خلاله هذه الألعاب، وكيف تدمر التوزان
النفسي؟ وتسيطر على الذات الإنسانية وتجعلها غير قادرة على التعبير عن نفسها
بالمعنى المتوازن، لأنه أغلبنا تحكمه جملة من السلوكيات القهرية والأزمات النفسية
التي تقوم بعملها دون وعي منا، لا ندرك هذه السرطانات النفسية، إلى في مرحلة
الإنهيار الكبير، الذي يدمر النفس ويمنعها من فهم حقيقة الذات.
كان هذه التدوينة الأخير في سياق الحديث عن الإطار النظري لنظرية التحليل التفاعلي، انطلاقا من المقالات المقبلة سوف نتحدث عن نماذج تطبيقية للألعاب النفسية.