الجزء الثاني: علاقات خطرة
العلاقات عنصر مهم في نمو الشخصية على المستوى النفسي
والعاطفي، نحتاج فهمها وإدراك نوعية العلاقات التي نسعى إلى تأسيسها وكيف نتعامل
معها على مستوى التواصل والحوار. لأنه في كثير من الأحيان نمر ببعض العلاقات
السلبية التي تدمر شخصياتنا وتدخلنا في حالة من الهوس وعدم التوزان العاطفي
والوجداني. وبالتالي فأن فهمنا للعلاقات لطبيعة العلاقات يساعد في تجاوز الصعوبات
النفسية والوجدانية.
العلاقة مع الشخص النرجسي:
هذا الاسم مشتق من كلمة يونانية لشخصية اسمها النرجس،
كانت محبة لنفسها كثيرا، هذا النوع من الأشخاص محب لنفسه كثيرا ولا يرى في الناس
أي قيمة أو دلالة، يحب الوصول إلى حاجاته أثناء عملية التواصل، يحب أن يكون متميز
دائما التميز في العلاقة.
الشخص الذي يمتلك هذه الصفات يكون مغرورا ومحبا لنفسه، لا
يراعي مشاعر الأخرين، الدخول مع هذا النوع من الناس في علاقة قد يدمرك لأنك مهما
قدمت من عطاء فإنه يستطيع نسيانه بسهولة، وله القدرة على تبخيس من قيمة الأخرين،
ودائما حينما يتحدث يكون متعجرفا ويعطي لنفسه القيمة أكثر من اللازم. لهذا نحتاج
الحذر من الدخول في علاقات مع هذا النوع من الناس لأنه سوف يدمرك ولن يساعد في
نموك وتقدمك، مهما قمت فإنك في نظره لا شيء.
العلاقة مع الشخص الاعتمادي:
الشخص الاعتمادي لا يستطيع أن يقوم بأي مجهود أو عمل إلا
داخل نوع من التبادل من الناس، لا يتخذ قرارته بنفسه ينتظر رأي الناس لكي يقوم بأي
نشاط، وهذا الأمر يقلل من فهمه لذاته، ويكون دائما في حاجة للناس الشيء الذي
يستنزف طاقته، لأن الناس ليسوا دائما مستعدين للقيام بالأشياء التي تحب، لا تكن
كما يقول المثل المغربي لصقة.
هذا النمط من الأشخاص يكون في حالة فشل الشيء الذي يجعله غير قادر على التعبير عن نفسه، ليس بمقدوره أن يكون ذاته، دائما هو في حاجة لمواقف وأراء الناس لكي ينجز أي عمل هذا الأمر يفسد البعد الأخلاقي والتواصلي لدى الناس.
العلاقة مع الشخص الوسواسي:
العلاقة مع هذا النوع من الأشخاص يجب ان تكون حذرا حتى
لا تحس بالفشل في الحياة، خصوصا غذا كنت شخص تلقائي لأنه دائما يؤول الأشياء إلى معاني
مختلفة، لكن في الحقيقة أنت سوف تعاني مع هذا الشخص أنه سوف يؤرقك خصوصا إذا كان
زوج أو زوجة.
لأن منضبط ويحب أن يضع كل شيء في مكانه ولا يحب الأشياء
الغير منضبطة إذا العلاقة مع هذا النوع من الأشخاص
العلاقة مع الشخص الحدي: شخص متقلب متقلبة الأطوار، أنت
بالنسبة له اليوم أفضل شخص عرفه في حياته، لكن بعد مدت تصبح شخص غير معروف ولا
قيمة له لهذا يجب الحذر من هذه العلاقة التي قد تدمر الشخص من الداخل ولا يفهم
طبيعة التصرف الذي يقوم به الشريك أي الطرف الأخر.
العلاقة مع الشخص السيكو بآتي:
غير مفهوم متقلب المزاج ليس لديه قيم أو مبادئ يعمل كل شيء بسهولة لا يحس بتأنيب الضمير لديه سهولة في الخداع والكذب وتقمص أدوار مختلفة، بدون أن تدرك ذلك، ويؤدي الناس بطرق مختلفة ومتنوعة. في هاته العلاقة يلعب أدوار مختلفة ومتنوعة، مرة يكون ضحية ومرة يكون منقد ومرة يكون جاني، هذا النوع من العلاقات مؤدي على المستوى النفسي.
العلاقة القائمة على التقمص:
يحاول أحد الأطراف تقمص شخص يراه قدوة المشكلة في هذه
العملية أنها سلبية، لأنه في كثير من الأحيان لا يكون الشخص الذي نتقمصه مثالي،
فقد نأخذ منه بعض التصرفات السلبية والغير أخلاقية، مثلا أب كان يتعرض لضرب في
مرحلة الطفول لو تقمص هذا الدور في تعامله مع أبنائه، فإنه سوف يكون تقمصا سلبيا
يدمر حياة الفرد ويمنعه من تحقيق الحرية والإرادة أثناء هذه العملية.
العلاقة التي تقوم على الأحكام المسبقة:
مثلا شخصا لديه قناعة أن معظم النساء مجرمات ولا أحد
منهم لديها الثقة، يقوم بتعميم هذا الحكم، وحينما يتزوج تبقى لديه هذه القناعة
ويعمل على إخراج أسوء ما في زوجته حتى يحس بأنه في راحة على المستوى النفسي
والعاطفي. والعكس قد تكون المرأة كذلك لديها هذه القناعة وتسعى إلى إقناع نفسها
بهذا الموضوع وبدون مقدمات تسعى إلى ربط نفسها بهذه القضية مما يقلص من حجم
الموضوعية في أحكامنا ويجعلها سطحية وغير واضحة على مستوى الدلالة والفهم.
علاقة البلع:
من أصعب العلاقات التي قد نمر بها في الحياة، يرى الطرف
الأخر أنه يحتاج إلى بلعك وجعله نسخة منك، وتحصل هذه المسألة بين الآباء والأبناء
عندما يريد الأب أن يمنع أبناءه من الحرية والإرادة والاستقلالية، مما يخلق نوع من
البلع الشيء الذي يجعل الطرف المبلوع غير قادر على النمو التطور على مستوى مهارات
والتواصل.
العلاقة مع الشخص الانطوائي:
لا يحس بأحد ويرغب في البقاء وحده، لا يهتم بالعلاقات، لأنه
يرى نفسه مرتاح عندما يكون وحيدا، يرى بأن العالم والأخرين، ليسوا مهمين بالنسبة
له، لا يهتم بالتواصل مع الطرف الأخر. هذا النوع من الناس، قد تكون لديه ظروف أو
مشاعر مدفونة، لهذا لا تحكم عليه منذ البداية، إما أن تتركه لحاله، أو تقيم معه
علاقة قائمة على الود والمحبة والتقدير والامتنان.
العلاقات القائمة على الدور الاجتماعي:
هذا النوع من العلاقات يحتاج إلى الكثير من الشغل والعمل،
من خلاله نستطيع أن نقود فكرة الذات، المزيفة التي تخدم مصلحتها الشخصية والذاتية
من هذا المنطلق يمكن القول، أن هذا النوع من العلاقة يقود إلى فقدان التوزان
النفسي والعاطفي والوجداني، منه نجد أن فكرة الدور خطيرة تلغي حرية الإنسان وتدخله
في متاهات لا حدود لها على المستوى العاطفي والوجداني. بعض الأحيان يكون الدور
الذي قدمه لك المجتمع مدمر لشخصيتك ولا يخدم الهدف الذي تسعى إليه يفقد تلك البصمة
الجميلة ويصبح مجرد شروط بدون معنى أو دلالة.
العلاقات القائمة على الإسقاط:
كم مرة نحس بالمعناة والصعوبات في الحياة، لكن رغم ذلك
نسعى إلى بناء شخصية متوازنة، لكن المشكلة في الإسقاط الذي نقوم به لمشاعرنا تجاه
الناس من حولنا مما يحول بيننا وبين الاستمرارية في التواصل الناجح، مثلا شخص
يعاني من مشكلة، فيبدأ في وصف الشريك بأنه هو الذي يعاني من هذه القضية الشيء الذي
يقف عائقا أمام نوع العلاقة وتطورها على المستوى العاطفي والوجداني.
من هو الطرف الموجود فينا الذي يسعى إلى إقامة العلاقة مع الناس:
منذ مرحلة الطفولة تتولد لدى الإنسان مجموعة من
الاحتياجات والغرائز الخفية الغير مباشرة تحتاج إلى تبليتها من خلال مجموعة من
العلاقات، لما نكبر ونبحث عن شريك الحياة نحن نبحث عن هذا الطرف الثاني الحقيقي
وليس المزيف الذي نريده أن يكون، مثلا طبيعة الاهتمامات تختلف من شخص لأخر، بهذه
الطريقة نستطيع أن نكون ذواتنا وفي نفس الوقت نستطيع أن نبني علاقة مع العالم
الخارجي.
العلاقات الحقيقية:
توجد دراسة علمية أقيمت حول العلاقات الإنسانية وأهميتها
في النجاح الحياة الاجتماعية والتواصلية، حيث وجد العلماء أن العلاقات الطيبة
والخيرة تقود الناس إلى نوع من التوازن النفسي والوجداني، الذي يحتاج إلى مجموعة
من الشروط أهمها:
1-الاحساس بالأخر حتى ولو عن بعد يحس بأنك متهم وحاضر
بالنسبة له حتى لو كنت غائبا على مستوى الجسد.
2- الاحساس بالأخر عن طريق الإنصات والاستماع العميق،
وتقبل مشاعره وطبعه مهما كان شكله ولونه.
3- تقبل الشخص الأخر كما هو دون السعي إلى تغييره أو
تحويله إلى قضية أو موضوع ما، طبعا لا تقبل كلش شيء لكن تكون دعامة نفسية وعاطفية
له في الأوضاع والأزمات التي تعاني منها.
-4 وجود نوع من التسامح في العلاقة حيث تتقبل أخطاء
الأخر وهو يتقبل أخطاءك ويسعى إلى تغييرها بكل الوسائل والامكانات المتاحة.
5- الصدق في العلاقة وعدم تزييف المشاعر، لأن هذا الأمر
يفقد العلاقة قيمتها ورمزيتها وشاعريتها الإنسانية.
6- أن تكون العلاقة مفتوحة وليس من طرف واحد دون طرف أخر
هذا الأمر يفقد العلاقة قيمتها وفعاليتها.