لماذا يجب علينا تعلم فن الخطابة والمناظرة؟ ذ. أيوب الوكيلي

 

كيف تتعلم الخطابة والمناظرة؟

تعتبر الخطابة من أهم الفنون التواصلية التي أبدعها الإنسان من أجل تبادل الأفكار والحوار والإقناع، حيث أننا نستخدمهما بشكل يومي دون أن ندرك، ففي كل مرة نحاول إقناع شخص بفكرة عن طريق مناقشته وتفنيد حجته نستخدم أسلوبا من أساليب الخطابة الذي تهدف إلى التأثير في المتلقي بأساليب مختلفة ومتنوعة.   فما هي الخطابة؟ كيف نستفيد منها في مجال التعليم؟  ولماذا علينا أن نسعى لتكون جزءاً من خطتنا التعليمية؟

فن الخطابة وأساسياته:

يتمحور فن الخطابة حول نجاح المرسل -المخاطب- في إيصال رسالته بشكل فعال إلى الجمهور، وفيما نلاحظ من حولنا أشخاصاً موهوبين بالفطرة بالتحدث أمام مجموعة من الناس سواء كان المتحدّث يعرفهم أم لا، فالحقيقة أن الخطابة مهارة يستطيع الجميع تعلمها والتحكم في أساليبها إذا فهم الطريقة التي يتأثر بها الدماغ أثناء عملية الإلقاء.

حيث يعد فعل التأثير أهم مقصد في أية عملية خطابية، تستهدف جمهورا عريضا، أو كانت جدلية يتداول فيها الأطراف موضع الادعاء والاعتراض بينهم، أو كانت حوارية يحاول أحد الطرفين أو كلاهما جذب الطرف الثاني والتأثير عليه، وحمله على اعتقاد فكرة أو نهج سبيل ما، فالكل يلتمس الأسلوب الأمثل والحجة الأنسب لإقناع المخاطب سواء كان واقعيا أو متخيلا.

لقد اهتم الباحثون بسبل الإقناع وأساليبه والوسائل المستخدمة فيه، لفهم طريقة انتشاره وشدة تأثيره، والموضوعات التي تتميز بالتداول على مستوى الحس المشترك والتي تتمتع بسرعة النفاذ والاعتقاد.  والواقع أن النخب من خطباء ودعاة وأدباء وساسة وإعلاميين سخروا كل الوسائط التقنية من أجل الاقناع، والتأثير في المخاطب.

خصائص المتحدث البارع:

يتميز المتحدث البارع بقدرته العالية على التواصل، كما يحتاج لأن يكون واثقاً من نفسه وقادرا على التعبير عن أفكاره بوضوح وصفاء، حيث  لا يمكن أن يكون المتحدث جيد، إذا افتقد إحدى تلك الصفات، إذ أنه إن لم يكن قادراً على التواصل الفعال فلن ينجح بنقل فكرته، وإن لم يكن واثقاً من نفسه سيشعر الجمهور بذلك ولن يستطيعوا السماع لشخص ليس متأكداً قدراته على الاقناع والتواصل، مما سيربك الفكرة ولن تصل إلى المخاطب بشكل واضح.

إذا فإن إدراكنا لأهمية الخطابة وتقنياتها لا يحتاج إلى مجهود، تذكر فقط الأساتذة الذين درست معهم، وسوف تتذكر الفرق بين من كانت دروسه ممتعة وسهلة الفهم وفعالة، وأخرين كان لديهم معارف ومعلومات كثيرة، لكن الأسلوب الذي كانوا يدرسون به لم يتوافق مع تقنيات الخطابة وطريقة التأثير الفعال في المخاطب.

لماذا نخاف من التحدث أمام الجمهور؟

الفوبيا من التحدث أمام الجمهور تعتبر من المشاكل السائدة والشائعة بين جميع البشر، مثلا تقوم بتجهيز خطابك وجعل أفكارك واضحة ومتسلسلة حينما يأتي الوقت الالقاء أمام الجمهور، تصعد خشبة المسرح تبدأ بالخوف وتشرع الأفكار تتوه عنك. هذا الأمر مقبول طبعا لا يوجد إنسان لا يتوتر حين يقف أمام جمهور، لأنها من أهم المخاوف التي تسكن الإنسان، غير أنه توجد وسائل وتقنيات تساعدنا على حسن التواصل والمخاطبة بشكل جيد وفعال.

 

تقنيات فعال في مخاطبة الجمهور:

Ø    الاستعداد الجيد على المستوى المعرفي، تدرب مراراً وتكراراً لوحدك، أمام المرآة، سجل فيديو لك وأن تتحدث، اجمع عائلتك وألقِ عليهم خطابك، أعد هذه الخطوات حتى تشعر بالثقة وتبدأ كلماتك تنساب من فمك دون أن تفكر بها حتى.

Ø     التركيز على لغة الجسد أي الجانب التلقائي، حركت العين والجسد والوجه احرص، قف منتصبا، وتحرك لكن بطريقة مدروسة لا تتكتف ولا تشبك يداك ولا تضعهما في جيبك، وحاول أن تكون حركاتك متوازنة ليست سريعة ولا بطيئة.

Ø     التركيز على نبرات الصوت لأنها تعد من أهم الوسائل المساعد في عملية الخطابة، احرص على أن يسمعك الجميع وخصوصاً في حال عدم وجود مكبر صوت، لا تتحدث كالروبوت كي لا يشعر المستمعون بالملل، حاول أن تغير نبرة صوتك مع الحرص على أن تتماشى مع ما تقوله، ومن جهة أخرى التدرب الجيد على مخارج الحروف واحرص أن يكون نطقك سليماً.

Ø     حول أن تسترخي قبل الصعود إلى خشبة المسرح لأن هذا الأمر يساعد في تحسين عملية الالقاء، وعدم تدوين الملاحظات لأنها تشتت الذهن.

المناظرة وأساسياتها:

 يمكن القول إن المناظرة هي شكل من أشكال الخطاب العام وهي عبارة عن مواجهة بلاغية بين متحدثين اثنين أو أكثر حول قضية معينة ضمن وقت محدد، فإن المناظرة نقاش جاد يدور حول قضية معينة ويتم في جلسة عامة تُقدَّم فيها حجج مُتَعارضة أو مُتصادمة.

تُعرف المناظرة على أنها مناقشة بلاغية، حيث يتواجه شخصان أو فريقان فيتولى أحدهما إثبات الحجة فيما يكون على الآخر نفيها، وليس بالضرورة أن يكون الشخص أو الفريق الذي يتولى الدفاع عن فكرة مسانداً لها فعلاً والعكس صحيح.

يكمن القول إن للمناظرة صيغ مختلفة ومتعددة، لكن هدفها واحد: على أحد الطرفين المتنافسين إقناع لجنة التحكيم بحجته وتفنيد حجة الطرف الآخر.

وبناء على ذلك فإن المناظرة عملية حوار تحكمها ضوابط معينة تقام في إطار محدد. وقد تشمل المناظرة متحدثين أفراداً أو فِرقاً تضم عدة متحدثين، كما تخضع المناظرات لأصول وقواعد معينة حيث تعرض قضية المناظرة على الفريقين المتناظرين ويمنح كلا الفريقين وقتا محددا لتقديم حججهم وإثباتاتهم.

هذه التقنية تساعد في تقديم رؤية عميقة للأفكار التي نعتقد فيها ونراها، وتساعد الأشخاص على التفكير بأسلوب عقلاني منطقي، والقدرة على الاستجابة لكل مشكلة أو قضية بأسلوب واضح.

كما أنها تختبر قدرتهم على ضبط أعصابهم وتحمل الضغط، فمن الممكن جداً أن تقف مدافعاً عن فكرة أنت في واقع الحال من أشرس المعارضين لها، ولذا إن كنت تبحث عن شيء يحفّز عقلك ويساعدك على ضبط نفسك ومشاعرك ننصحك بالتأكيد باختبار تجربة المناظرة.

ومن أهم المجالات التي تحضر فيها المناظرة بشكل واضح، تتجلى في الحقل السياسي، وأبرزها المناظرات التي تحدث بين الرؤساء الأمريكيين حين يحين موعد الانتخابات كل أربع أعوام.

كيف نستعد للمناظرة:

1.   التحضير الجيد، والحصول على المعلومات من مصادر موثوقة، ولا تنس أن تذكر مصدر معلوماتك حين تستخدمها في المحاججة أمام لجنة الحكم والجمهور.

2.   انتبه إلى لغة جسدك دوماً، لا تتحرك كثيراً، ولا تثق في مكان واحد، وكن واثقاً في وقفتك.

3.    الملاحظة الدقيقة لخطاب الخصم من أجل توجيه النقاش من خلال مغالطاته.

4.   استعن بالجمهور واطرح عليه الأسئلة، لكن احرص أن تكون الأسئلة تلك التي يجاب عنها بالإيجاب أو النفي.

5.   اجعل سؤالك بسيطاً واضحاً واحرص على أن تصيغه بطريقة تجعل إجابته لصالحك دوماً.

لم عليك أن تتقن فن الخطابة والمناظرة؟

تعتبر مهارات الالقاء من أهم التقنيات التي يحتاج الجميع إلى تعلمها لأنها تساعدنا في عملية الاقناع أثناء عملية التخاطب بشكل مباشر أو ضمني، وبشكل عام سيساعدك إتقان فن الخطابة والمناظرة إلى:

Ø   تحسين قدرتك على توصيل أفكارك بسرعة واختصار وفاعلية

Ø   زيادة ثقتك بنفسك، وإشعارك بالرضا عن نفسك.

Ø   تحقيق دعم في حياتك المهنية وتوفير فرص أفضل.

Ø    تحسين القدرة على تحليل المعطيات بشكل سريع وفعّال.

Ø   تحسين مهارة الاستماع.

Ø   تطوير مهارة العمل الجماعي

Ø   تفعيل القدرة على التفكير النقدي.

لماذا يجب تضمين فن الخطابة والمناظرة في المنهاج المدرسي؟

الهدف الأساسي من العملية التعليمية، يكمن في اكتساب التلاميذ القدرة على الاستقلالية الذاتية، والقدرة على بناء شخصية ناجحة ومنتج وفاعل داخل المجتمع، ولعل فن الخطابة والمناظرة يشجع الطلاب والتلاميذ على البحث والدراسة، ويحسون أنهم فاعلين في العملية التعليمية وليسوا مجرد متلقين سلبين، لأنه يوجد هناك من يراهم ويسمعهم.

الأمر الذي ينعكس إيجابا على شخصياتهم، فهم لم يعودوا مجرد متلقين يأتون إلى المدرسة كل يوم لسماع الدروس بل أصبحوا جزءاً فاعلاً ومشاركاً في إنتاج المعرفة ومناقشتها من خلال ورشات وجلسات تساهم في تعزيز ثقافة الحوار والتواصل.

إدماج الخطابة ضمن المناهج الدراسية:

توجد جملة من الأساليب التقنية التي تشجع على تفاعل الطلاب مع الدروس من خلال فن الخطابة والمناظرة.

Ø   العروض التقديمية: تشجيع التلاميذ والطليبة على  اختار أحد المواضيع المدرجة في منهاجهم الدراسي، ويقوموا بإنجاز عروض تقديمية يبسط فيه فهمه لهاته الدروس والمعطيات.

Ø   اعرض لهم بعض الخطب المؤثرة: أفضل مصدر لذلك منصة “TED“. احرص أن يكون المقطع مترجماً أو من إحدى الفعاليات التي أُطلقت في الدول العربية. اطلب منهم أن يدونوا نقاط القوة في الخطاب ولم يعتقدون أنه ناجح ومؤثر.

Ø   أقم عروض خطابة عشوائية: اكتب على عدد من الأوراق مواضيع مختلفة ثم اجعل كلّ طالب يسحب ورقة، امنحهم 3 دقائق ثم ادع كل طالب لأن يتحدث عن الموضوع الذي اختاره خلال دقيقة أو اثنتين.

Ø   قد يكون بعض الطلاب بارعين حقاً في الكتابة وتحفيز مشاعر الناس، لكن يرفضون قطعاً الوقوف أمام جمهور، إن لم تتمكن من إقناعهم بكسر حاجز الخوف، تستطيع بدلاً عن ذلك تنمية قدراتهم الكتابية بوضعهم مع شريك يحب الوقوف أمام الجمهور.

مسابقات المناظرة داخل المدارس:

 نحتاج أن تكون هناك برامج مدرسية، يتم  من خلالها إنجاز بعض المسابقات والمجتمع الخاصة بالمناظرة، عبر إقامة مسابقات مدرسية حول المناظرة وقوة الكلمة، لأن تعلم التلاميذ والطلاب لهذه التقنيات يساعدهم في تحسين تواصلهم مع ذواتهم والقدرة على الدفاع عن التصورات والتمثلاث التي يقرون بها بأسلوب عقلاني ومنطقي يعتمد على الحجج والبراهين.

بعض الأفلام الوثائقية التي تشجع على فن الخطابة والمناظرة:

 Giving Voice

 

........

صفحة الفايسبوك والقناة على اليوتيب:

https://web.facebook.com/eyoub.loukili

https://www.youtube.com/channel/UCHDsjIxTHYPkiJn5GyI2wpg