للأدب قيمة كبيرة في حياة الإنسان، لأنه يقدم للنفس أفقا وخيالا خلاب
يهدف إلى تشجيع الذهن على التقمص الوجداني والعاطفي، لهذا تسحرنا روعة القصاص والحكاية لا نمل من
تكرارها وإعادتها، إنه سحر التعالي عن البعد المادي لصالح بعد العقلي والروحي داخل
النفس الإنسانية، وقد اعتبر ارسطو منذ القدم أن التراجيديا والكوميديا والفنون
بشكل عام تغدي الروح وتنمي الحس الإنساني في شخصياتنا.
بدايات يمكن القول إن المجاز والخيال يلذنا، يشوقنا،
يطرِبنا، ويبكينا ويخرج كل ما هو إنساني في نفوسنا، الإبداع
نفسه يتجلى في خلق مناظير مختلفة عن السائد في المجتمع ورصد أهم التحديات التي
نعيشها اليوم، ورؤيتها بشكل مختلف عن المعتاد.
وهنا تحضرني كتابات الروائي العالمي باولو كويلو الذي يعتبر من الروائيين القلائل الذين يطرحون قضية أساسية في معظم رواياته تتجلى حول فكرة الحلم، باعتبارها جوهر الوجود الإنساني، لأن كل التجارب الإنسانية تدور حول الأحلام والقدرة على التغيير والتحسن نحو الأفضل على جميع المستويات.
يقول كويلو "تذكر أحلامك وقاتل من أجلها، يجب أن تعرف ما الذي
تريده في الحياة" وهذا بالفعل ما قام به. "عندما ترغب في شيء ما فإن
الكون بأسره يطاوعك على القيام بتحقيق رغبتك"، فهل مازلت تجهل حلمك!
احلم دائمًا..
"الحلم
والسعي إلى تحقيقه، هو ما يجعل الحياة ممتعة" باولو كويلو
كل إنسان يحتاج إلى الحلم، باعتباره الوقود الذي يحفز فن الحياة داخل نفوسنا،
ويحفزنا على العمل والاجتهاد والصبر. هناك الكثير من الناس ليس لديهم أحلام على
الإطلاق، ولا يفكرون أن بإمكانهم فعل شيء آخر في حياتهم غير الذي يفعلونه. هذا
الأمر هو نوع من الركود والجمود. يجب أن
تحلم بما تريد وتسعى نحو تحقيقه، حتى لو واجهت الصعوبات، فمجرد امتلاك فكرة تحاول
جاهدًا الوصول إليها، يجعلك ذلك تنهض من سريرك صباحًا، ويعطيك جرعة من الطاقة،
ويدفعك إلى الاستمرار بدون ملل أو ركود.
في الكثير من رواياته يرصد باولو كويلوا فكرة
الحلم ويربطها بالحرية والمسؤولية وهذا ما يتجلى في قوله "سقوطك في النهر لا يعني غرقك، لكنك قد
تغرق عندما تبقى مغمورًا فيه" "في كثيرٍ من الأحيان، نحن نغرق حرفيًا في البؤس بينما
يمكننا انتشال أنفسنا منه بسهولة. موقف صغير قد يجعلك تفكّر بشكل سلبي يومك
كاملًا، قد تتّهم غيرك لتُخرج نفسك من مشاعر القلق، وقد تتصرف كضحية بينما يمكنك
تحمّل المسؤولية والدفاع عن نفسك، وتحمّل الأخطاء بل والتعلّم منها وتقبّلها.
يمكنك اختيار كيفية التعامل مع الصعوبات عمومًا."
في هذا المقطع يبرز الكاتب أهمية المنظور الذي نرى من خلاله الأشياء
والأحداث والوقائع في الحياة، فلكما كان لدينا منظور سلبي، تضاعف حجم البؤس والقلق
الذي نسقط فيه. ففي
بعض اللحظات نحس بالضعف والوهن لكن الفرق بين أناس يكمن في القدرة على مواجهة
صعوبات الحياة وتحدياتها، في هذا السياق يقول باولو كويلوا "جميعنا معرّض
لعيش أيام مؤلمة، مُهلكة، قد تتهافت المصائب عليك وتشعر بنفسك عاجزًا، ولكن فكّر
للحظة، في سنين حياتك التي مرت، فكر في الأوقات الصعبة التي عشتها، ألم تصبح من
الماضي؟ نعم، ألم تتغير؟ أكيد، علّمتك درسًا حياتيًا؟ غالبًا نعم، إذًا كلُّ شيٍء
سيؤول إلى الزوال، لذا في المرة القادمة التي تجد نفسك فيها في خضم التيار، تعلم
أن تسبح، واخرج من النهر، جفف ملابسك، وأكمل المسير". نفهم من هذا الكلام أن التغيير سنة
كوينة نحتاج أن نتقبلها كما هي ونقبل بها بدل أن نسخط على الظروف والأوضاع الصعبة
التي نمر بها في الحياة.
قوة الخيال:
يوجد لدى الإنسان طاقة وفعالية تميزه على جميع الموجودات في الكون
تكمن في الخيال والقدرة على الحلم والسعي نحو ما نريد، بهذا المعنى فإن المعرفة والسعي إلى ما
نريده هو جوهر التجارب التي نمر بها في الحياة، "فالخطوة الأولى هي معرفة
رغباتك، حرفيًا تخيل ما تريد وكأنه أمام عينيك، أمسك الورقة والقلم، واكتب كيف
تريد أن تكون حياتك بعد عام أو 5 أعوام أو 10.. أو ارسم لوحة تتضمن نفسك محققًا ما
تريد. هذه الخطوة مهمة جدًا."
الحياة عبارة عن مغامرة مستمرة:
هناك خيط رفيع جدًا بين اتخاذ القرارات الغبية والمخاطرة المحسوبة، لا يمكنك اتخاذ قرار أنت تعلم بأنه غبي ولن ينفع، هذه ليست مخاطرة إنما غباء فادح، ومن جهة أخرى، إذا حاولت أن تعيش حياتك كلها بحيث تكون محسوبة النتائج، فلن تتقدم، وستصل إلى نهاية العمر وأنت تتحسّر على ما فاتك ولم تجربه. كما قال رجل الأعمال الأمريكي جيف بيزوس "علمت أنني إذا فشلت فلن أندم، الشيء الوحيد الذي قد أندم عليه هو عدم المحاولة"
"كل يوم
تعيشه على سطح هذا الكوكب هو هدية فعليًا، عندما تستيقظ صباحًا نشيطًا ذلك نعمة بحد
ذاتها، قد تتوقع أن اليوم الذي يمر بدون حدوث شيء ما تعتبره أنت معجزة مفرحة، هو
يوم سيئ، ولكن لا يا صديقي. أود أن أقول لك أنه مجرد أنك على قيد الحياة هو معجزة
بحد ذاتها" باولو كويلو.
ركّز في حياتك..
"يبدو أن كل شخص لديه فكرة واضحة عن الطريقة التي يجب أن يعيش فيها
الآخرون حياتهم، ولكن لا يعلم شيء عن حياته" باولو كويلو
المقصود هنا
أننا من السهل جدًا أن نحكم على أفعال الآخرين، بلا أدنى تقدير أو تبرير، نضع
أمامنا الأسباب وندرس ما وضعناه، ونطبعه عليهم، أصبحوا سيئين، نخطط حياتهم ونفسر
كل ما يفعلونه أو يريدون فعله أو ما فعلوه، لهذا يجب أن نركز على حياتنا الخاصة
ولا نهتم بما يقوله الأخرون إذا أردنا أن نعيش حياة متوازنة وعقلانية.
لأنه أسهل شيء
يقوم به الإنسان هو الحكم على الأخرين، لكن الأصعب هو استنباط ما يمكنك تعلمه من
الأشخاص الذين تنتقدهم، أي في المرة القادمة التي تشعر بأنك تريد أن تنتقد شخصًا
ما، حاول التعلم مما فعله فقط، خُذ العبرة، فبغض النظر عن مدى اختلافك عمّن حولك،
لا شكّ أن لدى كل شخص شيء إيجابي على الأقل لنتعلمه منه.
"عندما نحب، نسعى جاهدين لنكون نسخة أفضل من أنفسنا، وعندما نسعى لأن
نكون أفضل مما نحن عليه، يصبح كل ما حولنا أفضل أيضًا"
باولو كويلو
تقدير قيمة الحياة:
عندما تكون ممتنا لمجرد أنك على قيد الحياة، ستجذب لا محالة طاقة هائلة ووفيرة من الحب والعطاء، ستكون هالة من الحب حرفيا، وتحتضن الأشخاص فيها، وربما تؤثر على حياتهم إلى الأفضل. غالبا ما نتجاهل النعم التي نتمتع بها، ونركز على الصراعات والمخاوف والأشياء السلبية، وهذا خطأ، من هذا المنطلق يعتبر الامتنان من العناصر الإيجابية التي تحفز العقل على تحسين الوضع الذي يعيش فيه.