المحور الثاني: العقلانية العلمية

 

العقلانية العلمية: ذ أيوب الوكيلي

  

الطرح الإشكالي:

لقد تطورت المعرفة العلمية مع تطور المنهج العملي، الذي يتداخل فيه البعد العقلي النظري بالجانب التطبيقي، هذا التداخل يضفي على المعرفة طابعا عقلانيا ويؤسس لعقلانية علمية تختلف عن العقلانية الفلسفية.  حيث أن مفهوم العقلانية العلمية، يدفعنا بالضرورة إلى التمييز بين تصورين لهذه العقلانية، أحدهما يقوم على أسس عقلانية كلاسيكية تتميز بالثبات والانغلاق، والآخر يقوم على أسس عقلانية معاصرة قوامها الانفتاح والتغير. الشيء الذي يقودنا إلى طرح مجموعة من التساؤلات:

هل يمكن الحديث عن صفة العقلانية داخل العلم؟ وهل هي عقلانية شبيهة بالعقلانية الفلسفية أم مختلفة عنها؟ وما هي دلالة العقلانية العلمية؟ وما هي خصائصها؟ على تقوم على العقل فقط أم العقل والتجربة؟

ما هو الفرق بين العقلانية الفلسفية واعقلانية العلمية:

موقف هانز رايشنباخ Hans Reichenbach (1891 ــ 1953)

يميز بين العقلانية والمعقولية، فالعقلانية نزعة فلسفية تنظر إلى العقل باعتباره المصدر المستقل للمعرفة، بحيث بإمكان العالم الفيزيائي تحصيل معرفته بالواقع بواسطة العقل وحده. وذلك لما يتوفر عليه العقل في نظر هؤلاء من مبادئ وقوانين وتصورات قبلية، حيث يصبح العالم شبيه بالصوفي، في حين المعقولية هي عقلانية مطبقة تستخدم العقل مطبقا على مادة الملاحظة. بذلك فإن رايشنباخ ينتقد  النزعة العقلانية المثالية باعتبارها نزعة صوفية قادتنا إلى عقلانية مغلقة، تنظر إلى العقل في ثباته وانغلاقيته، لا في نموه وتطوره.

حيث يقول رایشنباخ: "عندما يتخلى الفيلسوف عن الملاحظة التجريبية بوصفها مصدرا للحقيقة لا تعود بينه وبين النزعة الصوفية إلا خطوة قصيرة" 

تصور روبير بلانشي Robert Blanché

يرى أن العقل والتجربة يخوضان تجربة حوار، لأن العقلانية التجريبية المعاصرة هي عقلانية مطبقة تأخذ بجدلية العقل والواقع.

تصور ألبرت إنشتاين Albert Einstain                                                                          

تركيب : 

يمكننا استخلاص تصورين: تصور يبني العقلانية العلمية على العقل، من خلال إعطاء الأولوية للعقل وأحكامه، باعتباره عقلا كونيا واحدا. غير أن تطور العلوم، سواء منها العلوم الدقيقة، أو العلوم الانسانية، أو العلوم المعرفية، سيفتح المجال أمام مقاربة جديدة للعقل ودوره، وسيقود الى تأسيس عقلانية جديدة، معاصرة، تقدم نفسها كبديل “للعقلانية الكلاسيكية”، تراجع أسسها ومنطلقاتها، وتركز بالتحديد على دور العقل وميكانيزمات اشتغاله في إنتاج المعرفة العلمية، وهي ما نسميه بالعقلانية العلمية.

ذ.أيوب الوكيلي