التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

نظرية الذكاءات المتعددة (Théorie des intelligences multiples): علوم التربية

 


نظرية الذكاءات المتعددة (Théorie des intelligences multiples):

 تعمل نظرية الذكاءات المتعددة، بوصفها نظرية في التعلم، على الكشف عن مواهب وميول المتعلمين وتقوم بتنميتها وتطويرها، وهذا ما جعل نظرية مهمة في مجال التربية التربوية المعاصرة. ظهرت في الثمانينات من القرن العشرين بالولايات المتحدة الأمريكية، بفضل دراسات هوارد غاردنر (Howard Gardner) الذي أكد على وجود ذكاءات متعددة ومتنوعة لدى الأفراد، يمكن رصدها وتنميتها، في مقابل التصور التقليدي الذي يركز فقط على الذكاء المعرفي، ويعتبره أساس التفوق.

مع العلم أن الذكاءات الأخرى يمكن أن تبوئ المتعلمين مكانة خاصة داخل المجتمع، وإن بدرجات متفاوتة، مادامت تستجيب لقدراتهم ومهاراتهم وميولهم الذاتية.

تعريف نظرية الذكاءات المتعددة:

رفض غاردنر الحديث عن صنف واحد من الذكاء (الذكاء المعرفي) يقاس بمعاملات، عبر روائز واختبارات يتم من خلالها تصنيف الأشخاص إلى أذكياء ومتوسطي الذكاء ومتخلفين [1]. كما فعل ألفريد بيني (Alfred Binet) وتيودور سيمون (Théodore Simon) وغيرهما، لكنه بالمقابل تحدث عن وجود ذكاءات متعددة دون ضرورة استخدام اختبارات ثابتة وموحدة لقياسها. لهذا فالذكاء عنده يتجلى في اكتساب الفرد قدرات ومهارات متنوعة في مجالات متعددة ومتباينة. حيث أن كل فرد وطفل يمتلك قدرات مختلفة ومتنوعة على مستوى الإمكانيات والقدرات.

كل ما يجب أن تعرفه عن نظرية الذكاءات المتعددة Multiple Intelligences

يعني هذا الكلام أن الذكاء ليس بالضرورة معرفيا مرتبطا بالمعارف العلمية والرياضية واللغات، بل يمكن أن يكون بدنيا أو فنيا أو تواصليا وغير ذلك. فالمترشح لمباراة التوظيف مثلا قد تجده متفوقا في تخصص معرفي بوأه منصبا مهنيا ساميا، ولكن بمجرد ما يتولى الإشراف على مجموعة من الموظفين نجده يتصارع معهم مما يُخلف ذلك مشاكل تواصلية جمة قد تعصف بمنصبه المهني.

 لهذا لا يمكن الاكتفاء فقط برصد المؤهلات المعرفية في انتقاء المترشحين لشغل منصب معين، بل اللجوء أيضا إلى المقابلات الشفهية من أجل اختبار قدرات ومهارات أخرى، وفي مقدمتها الجوانب التواصلية والسيكولوجية.

أنواع الذكاءات:

 

حدد غارندر تسعة أنواع من الذكاءات، إذ يشتغل كل نوع بشكل مستقل عن باقي الذكاءات الأخرى. ويرتبط بموقع في الدماغ العصبي وفصوصه المختلفة [2]. وهي كالآتي:

- الذكاء الرياضي المنطقي:

يعتمد على عمليات التجريد، فيُستخدم في حل المشكلات المتعلقة بالرياضيات والمنطق والهندسة، ويتموقع في الفصوص الجدارية اليسرى واليمنى، والفصوص الجبهية اليسرى.

- الذكاء اللغوي:

 يرتبط باستخدام اللغة على المستوى الصوتي والصرفي والتركيبي والدلالي والتداولي... يُستعمل هذا الذكاء في الفهم والتواصل والتعبيرين الشفهي والكتابي... ويتموقع في الفصوص الصدغية والجبهة اليسرى، كمنطقة بروكا ومنطقة فرنيك.

-  الذكاء الموسيقي:

يظهر في إبداع الألحان والأنغام والموسيقى... ويتموقع في الفص الصدغي الأيمن.

- الذكاء البصري الفضائي:

 يتمثل في إدراك المكان بصريا وهندسيا وتشكيليا ومعياريا. ويتموقع في المناطق الجدارية والقفوية من النصف الأيمن.

- الذكاء الجسمي الحركي:

 يتجسد في الرياضة وحركات الجسد. ويتموقع في المخيخ والنويات القاعدية والمنطقة الحركية.

- الذكاء الطبيعي:

 يهتم بمكونات الطبيعة من حيوانات ونباتات وتضاريس وغيرها... ويوجد هذا الذكاء في الفص الجداري الأيسر.

- الذكاء الوجودي الكوني:

يهتم بالأفكار والمبادئ الكونية، فتارة يتجه نحو الفلسفة أو المعتقدات الدينية أو القيم الحقوقية والإنسانية...

- الذكاء التفاعلي:

 ذكاء اجتماعي، تتفاعل فيه الذات مع الآخر، شخصا كان أو جماعة أو مؤسسة اجتماعية، ويوجد في الفصوص الجبهية والفص الصدغي، وخاصة في النصف الأيمن، والجهاز اللعبي...

- الذكاء الذاتي:

 يستخدم في المجالات النفسية والذاتية، ويوجد في الفصوص الجبهية والفصوص الجدارية.

خصائص نظرية الذكاءات المتعددة:

- الذكاء هو حصيلة تفاعل بين الوراثي الفطري والاجتماعي المكتسب؛

- الذكاء هو سيرورة متواصلة ومتطورة؛

- الذكاءات متعددة ومستقلة بعضها عن بعض؛

- تختلف درجة الذكاء بحسب الأشخاص والثقافات...

أهداف نظرية الذكاءات المتعددة:

تراعي نظرية "الذكاءات المتعددة" البيداغوجيات الحديثة، ومنها البيداغوجيا الفارقية وبيداغوجيا حل المشكلات وبيداغوجيا المشروع، ومن ثم فهي تسعى إلى تحقيق أهداف تربوية وبيداغوجية، منها:

- مراعاة مبدأ الفروق الفردية بين المتعلمين معرفيا ونفسيا واجتماعيا وبدنيا...؛

- مراعاة الميول والطموحات والتطلعات...؛

- تنمية قدرات ومهارات المتعلمين لحل مشكلات ضمن وضعيات مختلفة

- تشجيع المتعلمين على الإنتاج والإبداع والمبادرة الحرة...

- تعزيز التعلم الذاتي وبلورة المشروع الشخصي للمتعلم....

- معالجة المظاهر السلبية لدى التلاميذ في الوسط المدرسي (الفشل، الهدر، العنف، الشغب، اللامبالاة...).

التوظيف البيداغوجي لنظرية الذكاءات المتعددة:

    تلائم نظرية "الذكاءات المتعددة" المرتكزات البيداغوجية لمقاربة الكفايات (البيداغوجيا الفارقية، بيداغوجيا حل المشكلات، بيداغوجيا المشروع...)، لهذا يقتضي من المدرس بمعية تلامذته القيام بما يلي:

- إنجاز تقييمات تشخيصية متنوعة تسلط الضوء على قدرات ومهارات وميول المتعلمين المتنوعة؛

- الكشف عن مواطن الضعف والقوة عند المتعلمين، لتعزيز ما هو إيجابي وتجاوز ما هو سلبي؛

- تفييء المتعلمين بحسب قدراتهم ومهاراتهم وميولهم....

- تحديد الذكاءات المتعددة المستهدفة في كل درس.....

- تحضير المدرس لدروس باعتماد وضعيات ديداكتيكية تحتوي مشكلات، يشترك التلاميذ في حلها؛

- التركيز أثناء إنجاز الدرس على أهم الذكاءات وليس كلها لضيق الوقت وعدم جدوى الإحاطة بجميعها؛

- تصريف الذكاءات في أنشطة تنمي القدرات والمهارات لدى المتعلمين؛

- تنويع الطرائق البيداغوجية والديداكتيكية مع تعيين الطريقة المناسبة لصقل كل ذكاء.

 


[1] Howard Gardner, Les formes de l’intelligence, Trad. Frames of Mind, Ed. Odile Jacob, Paris, 1997.

[2] Howard Gardner, Les intelligences multiples. Trad. P.Evans-Clark et autres, Ed. Retz, Paris, 1996.

عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات