التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

مفهوم الوعي واللاوعي: المحور الأول الادراك الحسي والشعور

 

1-  مفهوم الوعي و اللاوعي:



المحور الأول الادراك الحسي والشعور:

مدخل اشكالي:

إن أهمية فعالية تميز الوعي الإنساني تتجلى في خاصية التفكير، والقدرة على المعرفة التي تكون لكل شخص بصدد وجوده وأفعاله وأفكاره فأن يكون الشخص واعيا ويتصرف طبقا للمعرفة التي تحركه والعيش بوعي الوجود.  هذا لا يعني أنه ذاتا واعية كلية وإذ يظهر في أحيان كثيرة أن الإنسان يكون محكوما من قبل فاعلية لا واعية تتمثل في دوافع غريزية من أصل جنسية أو عدوانية، لكن يمكننا أيضا تحديد اللاوعي بنحو إيجابي أي باعتباره واقعا نفسيا يملك نوعا من الوظائف أو الفاعلية وسمات خاصة في هذه الحالة يحيل اللاوعي إلى اكتشاف سيغموند فرويد والذي ينتمي لحقل التحليل النفسي la psychanalyse   

بهذا المعنى نستنتج أن الوعي ظاهرة معقدة ومركبة يصعب حدها وتعريفها داخل الوجود الإنساني، نتيجة لتضارب وتنازع هذه الدلالات حول مفهوم الوعي، والتي تتراوح أساسا بين المرجعية الفلسفية والعلمية والأدبية والدينية. كما أنه من خلال التفكير استطاع الإنسان أن يعي دلالة وجوده في هذا الكون، ويقي نفسه مخاطر الطبيعة، ويصل إلى المستوى الحضاري المتقدم الذي نعيشه حاليا، مما جعل الوعي La conscience الخاصية المميزة للإنسان.

الأمر الذي يدفعنا إلى طرح جملة من التساؤلات:

·      ما الوعي؟ مـا علاقته بالنشاط العقلي العصبي؟ وهل يمكن الاطمئنان إلى الواعي لتفسير كل ما يصدر عن الإنسان من سلوكيات وقرارات مصيرية؟ بمعنى آخر، هل يمكن إرجاع الحياة بأكملها إلى هذا المنبع الوحيد في التجربة الانسانية؟ ألا يمكن الحديث عن اللاوعي كمحرك خفي للسلوك الإنساني؟

·      إذن فكيف يمكن تحديد مفهوم الوعي وإذا كان الإنسان ذاتا واعية وتخترقه في الوقت نفسه دوافع لا واعية. ما هي العلاقة بين الوعي واللاوعي؟ وأيهما يتحكم في الذات؟

·      كيف تزيف الإيديولوجيا وعي الإنسان؟   ما علاقة الإيديولوجيا بالوعي؟ هل تمكنـه مـن الأدوات اللازمة لإعطاء صورة حقيقية عن حياتنا الواقعية وعن ذواتنا أم أنها على العكس من ذلك، تتدخل لتشويه الواقع وقلب الحقائق؟


المحور الأول الادراك الحسي والشعور

إشكالية المحور:

كيف يتحقق الوعي كتجربة شعورية سيكولوجية؟ هل يتم هذا التحقق بالرجوع إلى إدراكات الحسية أو الأنشطة العصبية التي تجري داخل الدماغ البشري، أي كل ما له ارتباط بالجسد باعتباره بناء بيولوجي مادي؟ أم أنه نشاط عقلي تأملي؟ وهل يمكن تحديد مفهوم الوعي؟ هل الوعي هو نشاط عقلي تأملي أم نشاط عصبي فيزيولوجي؟

نص جون شونجوا: الوعي نشاط عصبي فيزيولوجي

·      أطروحة:

-يؤكد جونشجو على أن الوعي هو نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا، وأنه يرتد إلى الطابع المادي للصور العقلية، ويرى أن كل نشاط عقلي، كيفما كانت طبيعته- تفكيرا أو اتحادا لقرار أو انفعالا أو شعورا أو وعيا- مجرد نشاط عصبي يتم داخل الدماغ البشري.

·      أفكار النص:

من أجل توضيح موقفه قدم الكاتب مجموعة من الحجاج، ابتداء بنقده لدعاء كل من الفلاسفة وعلماء اللاهوت، الذين يرون أن دراسة الوظائف العليا للدفاع، هو مجال من مجالات اختصامهم، ودليله على ذلك، هو أولا أن هذا المجال لم يخضع بعد للبحث العلمي الدقيق، حتى يمكننا الحسم في صحة أو عدم صحة ما قدم من أراء فلسفية كانت أو دينية حول هذا الموضوع.

-ثانيا أن التدخل الفلسفي الأدبي في هذا المجال، سيكون عائقا أمام البحث الرزين والتدقيق في الوظائف العليا للدماغ، لذلك دعا إلى تجاوز الخطابات الأدبية، لأن دراسة الوظائف العليا للدماغ وعلى رأسها الوعي هي من اختصاص علم بيولوجيا الأعصاب. هكذا ينتهي صاحب النص إلى القول على أن الوعي هو عملية عقلية يقوم بها الدماغ البشري، من خلال عمل الخلايا العصبية؟

-يرى أن الوعي من حيث هو نشاط عصبي عقلي مشروط بالبنية الفيزيولوجية، ولتأكد فرضيته يستشهد بقول العالم الفرنسي جاك مونو (10-1976 ) ليبين أن العقل البشري هو نشاط تمثلي لموضوعات خارجية، من أجل التأكيد  الطابع المادي الفيزيولوجي للصور العقلية ومن ثم الوعي باعتباره نشاطا مشروطا للعمل الدينامي لخلايا الدماغ والسيالات العصبية.

استنتاج:

نخلص إلى أن المقاربة العلمية، تحدد الوعي باعتباره نشاطا عقليا يرتد إلى النشاط العصبي للخلايا الدماغية. فسواء كان هذا النشاط العقلي تفكيرا أو انفعالا أو شعورا أو وعيا بالذات فهو في آخر المطاف نشاط عصبي مشروط فيزيولوجي، كما يتأكد أيضا من خلال الطابع المادي للصور العقلية من منطلق أن هذه بمثابة نتائج أو مفعولات للعمل الدينامي المتعلق بالخلايا والسيالات العصبية.

القيمة الفلسفية لأطروحة النص:

إن ما قدمه صاحب النص حول موضوع الوعي وعلاقته بالجهاز العصبي المركزي للدماغ البشري، له قيمته العلمية، بحيث لا يمكن إنكار ما للدماغ من أهمية في توفير الأرضية اللازمة لتشكيل الوعي، فهو المسؤول الأول عن كل ما يصدر عن الإنسان من سلوكيات وأفعال، في مستواها الحسي أو العقلي، فكل الأنشطة اليومية تعتمد على كثير من القدرات العقلية والأنظمة المحبة، وقد تمكن البحث العلمي في هذا المجال من دراسة مرضى الأعصاب من توضيح كيف تتكامل لدينا الخبرات.

إلا أن ما يمكن ملاحظته على هذا التحديد العلمي هو عدم تمييزه بين الإدراك الحسي الذي يكون مرتبطا بمقولتي المؤثر والاستجابة، بمعنى أنه يظهر في شكل ردود أفعال أو انفعالات مباشرة وبين الوعي باعتباره نشاطا منعكسا يتمثل في تلك المعرفة التي تتحصل لدى الإنسان بصدد أفعاله وأحاسيسه مما يعني أن هذه الأفعال والأحاسيس ليست مجرد إدراكات حسية مباشرة، أليس بامكاننا القول أن الوعي نشاط تأملي عقلي، يتجاوز مستوى الادراكات الحسية؟

تصور ديكارت الوعي حالة تأملية


يقول ديكارت: "أعني بالفكر كل ما يختلج فينا بحيث نكون واعين به، وحيث نكون به وعي". مبادئ الفلسفة:

أكد أن الفكر أو الوعي هو ما يحدد وجودنا كأشخاص، وهذا الوعي هو جوهر النفس في مقابل الامتداد الذي هو جوهر المادة، فجميع الأفعال التي يقوم بها الإنسان هي أفعال تفكير، وبصدد كل منها يستطيع الإنسان أن يقرر أنه موجود، موجود كشخص، وليس كموضوع خارجي.

 وقد عبر ديكارت عن هذا التصور في مؤلفه   " تأملات ميتافيزيقية "

حيث قال: " أنا موجود ما دمت أفكر فقد يحصل لي متى انقطعت عن التفكير تماما انقطعت عن الوجود بتاتا، لا أسلم بشيء ما لم يكن بالضرورة صحيحا، وإذن فأنا على التدقيق إلا شيء يفكر، أي ذهن أو روح أو فكر أو عقل، وهي الفاظ كنت أجهل معناها من قبل...".

يذهب إلى القول بأن الوعي حقيقة بديهية تدرك عن طريق الحدس العقلي، بحيث لا يرقى إليه الشك أبدا. كما اعتبره خاصية أساسية وثابتة تميز الأنا كجوهر مفكر. فأنا أشك – يقول ديكارت- ، وما دام الشك نوع من التفكير، فأنا أفكر. وإذا كنت أفكر، فأنا موجود. هكذا صاغ ديكارت ما أصبح يعرف بالكوجيطو الديكارتي: أنا أفكر، فأنا موجود.

وقد تساءل ديكارت: "أي شيء أنا…؟" وأجاب: أنا شيء مفكر، ثم أعقب ذلك بالتساؤل: "ما الشيء المفكر؟"، وأجاب: إنه شيء يشك ويفهم ويتصور ويثبت وينفي … فلأنا المفكر خصائص مثل الشك والتصور والتخيل والإحساس، وهذه الخصائص لا تنفصل عنه. كما يتميز الأنا المفكر بالوحدة والثبات.

ويمكن لنا القول أن الوعي يرتبط ل بالفكر هو الشرط الضروري والكافي لمعرفة وجود الأنا الواعية، إنه يشكل طبيعة الذات من حيث هي ذات واعية وبهذا المعنى يتماهى عند ديكارت- الفكر والوعي إن لم يكن الفكر هو عين الوعي.

التركيب والاستنتاج:

من خلال تحليل ومناقشة إشكالية ما الوعي؟ أي ماهي الأبعاد التي حدد، نجد جملة من المقاربات المختلفة بين البعد العلمي والفلسفي والاجاماعي، غير أن المدخل العلمي لمعالجة مفهوم الوعي يبقى قاصرا، في الإحاطة بكل معاني هذا المفهوم، ذلك أن الوعي كمستوى أعلى من التفكير لدى الإنسان، غير أن مفهوم الوعي يبقى مسألة مركبة تتدخل جملة من الأبعاد، الفكرية والاجتماعية والنفسية في تحديده.  إذن لا يمكن الحديث عن الوعي خارج المجتمع. ولنا في الطفل Vieter de L'Aveyron النموذج الحي لغياب الفكر واللغة، والإحساس أحيانا بالأشياء الحميمية التي تحيط بناء بالأخرى الوعي، بهذا المعنى فإن هذا الوعي لا يمكن أن يكتمل إلا بحضور الآخر الإنسان والتفاعل معه.



عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات