التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

النظرية البنائية و السوسيو- بنائية: توصيف علوم التربية مبارة التعلم 2022



النظرية السوسيو- بنائية (Socio-constructive)

النظرية السوسيو- بنائية هي إحدى أهم نظريات التعلم، ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين على يد رواد مؤسسين أمثال ليف فيغوتسكي (Lev Vygotski) وجيروم برونر (Jerome Bruner) وألبير باندورا (Albert Banduraووليم دويز (Willem Doise) وبيري كليرمون (Clermont Perret) وغابرييل مونيي (Gabriel Mugny). إلا أن الروسي فيغوتسكي يعتبر أشهرهم جميعا.

ترى النظرية السوسيو - بنائية أن المعارف تبنى اجتماعيا وبشكل تفاعلي بين الفرد والآخرين داخل المحيط الاجتماعي. وهي بالتالي تركز على تأثير السياقات الاجتماعية وليس فقط المؤثرات الذاتية البيولوجية والوراثية والعقلية[1]، في مقابل النظرية البنائية التي تؤكد على التفاعل بين الذات (المتعلم) والموضوع (المعرفة).

وعلى الرغم من هذا الاختلاف يمكن اعتبار النظرية السوسيو- بنائية نظرية مكملة للنظرية البنائية، وليست متعارضة معها كل التعارض. وهذا ما حاول القيام به كل من مونيي (Mugny) ودويز (Doise) في تأكيدهما على القواسم المشتركة، وأبرزها مركزية المتعلم في بناء المعرفة.

شكلت نظرية التعلم السوسيو - بنائية أهم المرتكزات النظرية لمقاربة التدريس بالكفايات، في إطار دعم المقاربات التشاركية في بناء التعلمات. حيث تبنى النظام التربوي المغربي المعاصر هذا الاختيار البيداغوجي واعتبره اختيارا استراتيجيا في بناء المناهج والبرامج الدراسية في سياق إصلاح منظومة التعليم.

ما هي إذن أبعاد وخصائص نظرية التعلم السوسيو- بنائية؟ وكيف يمكن توظيفها بيداغوجيا في إطار مقاربة التدريس بالكفايات؟

مفهوم "التعلم" في النظرية السوسيو- بنائية (نموذج "فيكوتسكي")

يتحقق التعلم من وجهة نظر فيكوتسكي (Vygotski) عبر لحظتين أساسيتين:

* اللحظة الأولى: (انطلاق التعلم)

-     لحظة انطلاق التعلم بفعل تدخل المدرس، لأن التلميذ يعجز عن القيام بذلك بمفرده. لذلك على المدرس اختيار الشروط والظروف الملائمة، لكي يتمكن التلميذ من الانخراط في فعل التعلم بتوظيف موارده وموارد الوسط الاجتماعي.

*  اللحظة الثانية: (تطور التعلم)

-     وتسمى لحظة النمو المتمثلة في تدخل الذكاء الفردي في استيعاب المقولات الاجتماعية والثقافية. والذكاء، في نظر فيكوتسكي، ليس فطريا أو موروثا بيولوجيا، كما يزعم بياجي، بل هو نتاج اجتماعي، أي نتاج الشروط الاجتماعية والثقافية، بمعنى أن تفاعل التلميذ مع المحيط الاجتماعي، هو ما يساهم في تطور أو دمور عملية التعلم.

أبعاد النظرية السوسيو- بنائية:

تنطلق المقاربة السوسيو – بنائية من ثلاثة أبعاد أساسية، و هي: 

1-   البعد البنائي :

 بمعنى أن المتعلم يبني تعلماته، وهذا يتعارض مع البعد التلقيني للتعلم، والذي يتأسس على الشحن والنقل لمعارف جاهزة ومطلقة وثابتة... من خلال عمليات المحاكاة والحفظ والاسترجاع... ؛

2-   البعد التفاعلي:

 تفاعل الذات (المتعلم) مع الموضوع (المعارف والخبرات والقيم...)، في سياق وضعيات ديداكتيكية مماثلة للوضعيات في الواقع الاجتماعي؛

3-   البعد الاجتماعي:

 تفاعل المتعلم مع السياق الاجتماعي (المدرسة ومحيطها والآخرين...)، لكون المعارف تبنى اجتماعيا من طرف المتعلم. ذلك أن التعلم فعل اجتماعي بامتياز. ولا يمكن الاعتماد فقط على القدرات الوراثية والعقلية، بل لابد من الانفتاح على المجتمع من أجل تنمية الكفايات المنشودة من معارف وخبرات وقيم... لهذه الأبعاد اعتبرت النظرية السوسيو - بنائية نظرية بنائية تفاعلية اجتماعية.

أبعاد ومميزات التعلم في منظور النظرية السوسيو -  بنائية:

- التعلم هو حصيلة التفاعل بين المؤثرات البيولوجية الفطرية والعوامل الاجتماعية المكتسبة.

- التعلم هو المجهود الذي يقوم به الفرد من خلال مساهمته الذاتية في بناء تعلماته.

- المعارف يبنيها المتعلم ولا تُعطى بالتلقين والشحن.

- المعارف نسبية متغيرة وليست يقينية ونهائية.

- المعارف تكتسب في سياق وضعيات اجتماعية أو مصطنعة.

- يرتكز التعلم على الصراع السوسيو- معرفي.

- البنيات المعرفية هي عمليات اجتماعية تحولت إلى عمليات فردية بفعل نشاط الفاعلين الاجتماعيين.

التوظيف البيداغوجي لنظرية التعلم السوسيو- بنائية في إطار مقاربة الكفايات:


تنطلق النظرية السوسيو - بنائية من فكرة مفادها أن المتعلم لا يأتي إلى المدرسة بعقل فارغ، بل لديه معارف وقدرات ومهارات وقيم اكتسبها من محيطه الاجتماعي. وانطلاقا من مبدأ إشراك المتعلمين في بناء التعلمات، تَبنَّى النظام التربوي هذه النظرية، لكي يكون لهذه التعلمات معنى وفائدة.

هكذا شكلت السوسيو - بنائية إحدى الأسس النظرية لمقاربة التدريس بالكفايات التي تتيح للمتعلمين توظيف مكتسباتهم السابقة في حل مشكلات ضمن وضعيات ديداكتيكية يقوم المدرس ببنائها؛ وضعيات مصطنعة، لكنها مماثلة لوضعيات في الواقع.

 وعندما يتمكن المتعلم من إيجاد حلول مناسبة وملائمة لمشكلة في وضعية ديداكتيكية، تساعده في حل نظيراتها في وسطه الاجتماعي، نقول بأنه قد اكتسب الكفاية المنشودة.

استراتيجياته النشيطة: حل المشكلات - المشروع – دراسة الحالة

 هذا الاكتساب تأَتَّى له بعد جهد ومعاناة نتيجة مواجهة مشكلة تكاد تكون مستعصية، خلقت ردود أفعال بين أفراد جماعة القسم، مما نجم عنها صراعات سوسيو- معرفية، شكلت، في المنظور السوسيو - بنائي، مصدرا أساسيا للتعلم، لكون هذا الأخير جاء نتيجة تفاعل مستمر ومتواصل بين المتعلمين فيما بينهم، وبينهم وبين المدرس، باستحضار موارد المحيط الاجتماعي على شكل تمثلات، وموارد المؤسسة المدرسية في صيغة معارف وقدرات ومهارات وقيم...

خلاصة القول يقتضي التوظيف البيداغوجي لنظرية التعلم السوسيو - بنائية ما يأتي:

    أن يبني المدرس وضعية مشكلة مرتبطة بسياقها الاجتماعي، لأنه لم يعد مقبولا تعلم معارف معزولة عن هذا السياق؛ ففهم دلالات العلاقة مع الغير وهوية الشخص ومعيار النظرية العلمية ومشروعية الدولة لا يتحقق إلا في سياق ارتباط هذه الدلالات بالواقع، لكي يدرك التلاميذ نجاعتها ويتمكن من استيعابها واستثمارها.

الصراع السوسيو – معرفي  (le conflit socio-cognitif)

يعد مفهوم الصراع السوسيو- معرفي من أهم المفاهيم التي أنتجتها النظرية السوسيو- بنائية. ذلك أن الصراع وفق هذه النظرية لا ينحصر فقط في الصراع المعرفي الداخلي للفرد عندما تواجهه وضعيات جديدة يجهلها، مما يسبب له ذلك فقدانا للتوازن المعرفي.

 وهو صراع من وجهة نظر بياجي ينحصر بين الفرد والمعرفة، بين مكتسباته المعرفية السابقة والمعطيات المعرفية الجديدة، حسم هذا الصراع هو الذي يرتقي بالفرد إلى مستوى التعلم والتكيف؛ في حين أن الصراع من المنظور السوسيو - بنائي، يندرج ضمن علاقة الفرد بالمحيط الاجتماعي، بمعنى صراع معرفي خارجي.

يدخل المتعلم في صراع معرفي ضد المدرس والمتعلمين الآخرين على أساس أن أفكاره وتمثلاته يقينية وصحيحة، ولكن يستطيع أن يغير تمثلاته بعد أن يتأكد من صحة آراء زملائه الآخرين، فيقوم بتعديل مكتسباته أو تصحيحها أو إلغائها، وبناء تعلمات جديدة.

 وبهذا، تشدد سيكولوجيا التعلم على أهمية المحيط الاجتماعي في إكساب المتعلمين كفايات جديدة ضمن وضعيات مرتبطة بالواقع.



 يعطي بياجي أهمية كبرى للعناصر الذاتية في مجال التعلم كالوراثة والعقل، بينما يركز فيكوتسي على دور المجتمع في بناء تعلمات الذات. [1]

عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات