التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

تقــــديم مجزوءة الإنسان:

 

تقــــديم مجزوءة الإنسان: 



كيف يمكننا الجواب عن هذا السؤال؟

إذا أمعنا النظر في سؤال ما الإنسان؟  فنحن إنما نريد أن نقول: ماذا يمكن أن يصير الإنسان؟ أي هـل يـسـتـطـيـع الإنسان أن يسيطر على مصيره الخاص؟ هل يستطيع أن يكون ما يريد ووفق ما يريد؟ إن السؤال ما الإنسان؟ هو سؤال إشكالي، أي سؤال يفتح على رهانات أو أجوبة متعددة ومتناقضة فيمـا بينها، وهو بهذا يختلف عن السؤال العادي مثل: أين توجد المحطة؟

فالسؤال ما الإنسان؟ يقدم أجوبة مختلفة تختلف حسب المتكلم، فجواب العالم ليس هو جواب الفيلسوف أو رجل الدين أو رجل السياسة.. فلكل منهم منحاه الفكري، الذي يؤثر بشكل أو بآخر على جوابه، لكن بالرغم من هذا الاختلاف يمكن أن تلمس في ثنايا البحث الذي يقدمه هؤلاء حول الإنسان، قواسم مشتركة، تمكننا من إدراك أهم أبعاده.

        فهو أولا جزء من الطبيعة، وهذا أمر لا يمكن الاختلاف فيه، لذا فهو يخضع لنفس القوانين التي تخضع لها باقي الكائنات الأخـرى، وهو من جهة أخرى كائن مفكر في الطبيعة، محولا لها بفعل الثقافة التي هو منتجها ونتاج لهـا، ممـا يعنـي أن للإنسان طبيعة خاصة تتعالى عن الطبيعة المادية للأشياء والكائنات الحية.

هذا ما حاول التعبير عنه الفيلسوف باسكال بقوله حينما تحدث عن الانسان بقوله: "فهو جزء من الطبيعة، لكن تركيبته البيولوجية جعلته أضعف مخلوق داخل نظامها، فهو أشبه بقصب الخيزران الذي يضعف لأبسط نسمة ريح، لكن بالرغم من ذلك، فهو يحمل بداخله سلاحا قويا مكنه من فرض وجوده على باقي الكائنات الأخرى، وضمان عيشه بشكل سليم ومريح، هذا السلاح هو الفكر la Pensée".

إن انشغال الفكر الفلسفي بمسألة الإنسان بدأت منذ الفلسفة اليونانية، من خلال دعوة سقراط، (يا أيه الإنسان اعرف نفسك بنفسك) إلى جعل الإنسان وبقوة في قلب التفكير الفلسفي. فهو الكائن العاقل الذي يستطيع الوعي بوجوده وهو أيضا الكائن المريد، والذي يمتلك ملكة اللغة التي لا تنحصر كونها وسيلة تواصل، بل إنها تكشف من جهة أخرى عن هذا البعد الاجتماعي فيه.

 وحيث إن الإنسان ذاتا واعيا وراغبة أو مريدة، فضلا عن كونه ذاتا متكلمة واجتماعية كيف تتدخل هذه المحددات أي الوعي والرغبة واللغة والمجتمع، الشيء الذي يدفعنا إلى طرح جملة من التساؤلات النقدية:

1-  مفهوم الوعي و اللاوعي:

مدخل اشكالي:

إن أهمية فعالية تميز الوعي الإنساني تتجلى في خاصية التفكير، والقدرة على المعرفة التي تكون لكل شخص بصدد وجوده وأفعاله وأفكاره فأن يكون الشخص واعيا ويتصرف طبقا للمعرفة التي تحركه والعيش بوعي الوجود.  هذا لا يعني أنه ذاتا واعية كلية وإذ يظهر في أحيان كثيرة أن الإنسان يكون محكوما من قبل فاعلية لا واعية تتمثل في دوافع غريزية من أصل جنسية أو عدوانية، لكن يمكننا أيضا تحديد اللاوعي بنحو إيجابي أي باعتباره واقعا نفسيا يملك نوعا من الوظائف أو الفاعلية وسمات خاصة في هذه الحالة يحيل اللاوعي إلى اكتشاف سيغموند فرويد والذي ينتمي لحقل التحليل النفسي la psychanalyse   

بهذا المعنى نستنتج أن الوعي ظاهرة معقدة ومركبة يصعب حدها وتعريفها داخل الوجود الإنساني، نتيجة لتضارب وتنازع هذه الدلالات حول مفهوم الوعي، والتي تتراوح أساسا بين المرجعية الفلسفية والعلمية والأدبية والدينية. كما أنه من خلال التفكير استطاع الإنسان أن يعي دلالة وجوده في هذا الكون، ويقي نفسه مخاطر الطبيعة، ويصل إلى المستوى الحضاري المتقدم الذي نعيشه حاليا، مما جعل الوعي La conscience الخاصية المميزة للإنسان.

الأمر الذي يدفعنا إلى طرح جملة من التساؤلات:

·      ما الوعي؟ مـا علاقته بالنشاط العقلي العصبي؟ وهل يمكن الاطمئنان إلى الواعي لتفسير كل ما يصدر عن الإنسان من سلوكيات وقرارات مصيرية؟ بمعنى آخر، هل يمكن إرجاع الحياة بأكملها إلى هذا المنبع الوحيد في التجربة الانسانية؟ ألا يمكن الحديث عن اللاوعي كمحرك خفي للسلوك الإنساني؟

·      إذن فكيف يمكن تحديد مفهوم الوعي وإذا كان الإنسان ذاتا واعية وتخترقه في الوقت نفسه دوافع لا واعية. ما هي العلاقة بين الوعي واللاوعي؟ وأيهما يتحكم في الذات؟

·      كيف تزيف الإيديولوجيا وعي الإنسان؟   ما علاقة الإيديولوجيا بالوعي؟ هل تمكنـه مـن الأدوات اللازمة لإعطاء صورة حقيقية عن حياتنا الواقعية وعن ذواتنا أم أنها على العكس من ذلك، تتدخل لتشويه الواقع وقلب الحقائق؟



 

عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات