التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

مجزوءة الثانية: الفاعلية والإبداع المفهوم الأول: التقنية والعلم


المحور الأول: التقنية خاصية إنسانية

 


 

إشكالية المحور:

 هل التقنية مجرد آلات وأدوات أم أنها سلوك ونمط من أنماط الوجود الإنساني؟ هل تعتبر التقنية خاصية إنسانية أم أنها تتجاوز ذلك لتحضر حتى عند الحيوانات؟

تحليل نص: "مفهوم التقنية" لأوسفالد سبنغلر

صاحب النص:

أوزفالد شبنغلر Oswald Spengler، فيلسوف مثالي ألماني، ولد في بلاكنبرج، ودرس في ميونخ وبرلين، اشتهر بكتابه «أفول الغرب» Der Untergang des Abendlandes ت(1918ـ 1922 في مجلدين)، وسجل فيه فلسفته في التاريخ إثر هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، ولقي الكتاب رواجاً كبيراً، لأن نهايته توافقت مع المزاج السائد عقب الحرب.

تعد فلسفة شبنغلر فلسفة جبرية، إذ يعتقد أن التاريخ ليس إلا حضارات لا رابط بينها ولا أسباب لقيامها، وإنما تخضع كل حضارة بمجرد قيامها لدورة حياة بيولوجية كأنها الكائن الحي، لها ربيع وصيف وخريف وشتاء، وأن شتاء الحضارة قد لا يعني اندثارها، وأن أفول الحضارة قبل الأوان قد يكون بسبب ظروف خارجية تقضي عليها. ومهمة فلسفة التاريخ هي فهم البناء المورفولوجي أو الشطر الخارجي للحضارة.

إشكالية النص:

  هل التقنية مجرد أدوات ووسائل أم أنها خطة في الوجود واستراتيجية في الحياة؟

أطروحة شبنغلر:

لا يمكن اختزال التقنية في الآلات والأدوات فقط، بل هي سلوك وخطة حياة هادفة، إنها نمط من أنماط الوجود الإنساني وهو ما يجعلها خاصية إنسانية، حتى وإن كنا نتحدث عن تقنية حيوانية، فإنها تظل بالنسبة لهذا الأخير مجرد خطة حيوية محكومة بما هو غريزي، وليس بما هو عقلي فكري كما هو الشأن عند الإنسان.

عناصر الأطروحة:

1-   رفض شبنغلر التصور الخاطئين للتقنية، وهما:

·       أولا التصور الذي يحصر هدف التقنية في صنع الأدوات والآلات.

·       الثاني التصور الذي يربط التقنية بوظائف الآلات وكيفية استخدامها.

يؤكد في المقابل أن التقنية ترجع إلى عصور غابرة ولا يمكن التأريخ لها انطلاقا من العصر التقني فقط، إنها خاصية عامة تتعدى الإنسان لتحضر حتى عند الحيوان.

 فإذا أخذنا الكائنات الحية النبات والحيوان والإنسان نجد أن النبات خاضع للطبيعة خضوعا مطلقا وثابت في مكانه وهو ما يجعل نمط وجوده خاليا من كل تقنية، في حين يتميز نمط الوجود الحيواني بنوع من الاستقلال والتحرك في المجال وهو ما يجعل له فعالية ما مقارنة بالنبات، فتظهر عنده بعض التقنيات التي يهدف من خلالها إلى الحفاظ على حياته.

غير أنها  تظل مجرد خطة حيوية غريزية طبيعية تهدف إلى  الحفاظ على بقائه واستمرارية نوعه، أما عند الإنسان فالتقنية خط حياة واستراتيجيات هادفة ومنظمة تنظيما عقليا وموجهة للسلوك الإنساني.

        2- يرى شبنغلر أن دلالة التقنية لا ترتبط بصناعة الأدوات ولا بوظائفها، فكل فهم للتقنية يجب أن ينطلق من الروح، من النفس، وهذا ما يجعلها خاصية إنسانية، فهي خطة حياة بالنسبة له قائمة على التأمل والتفكر والتعقل ورسم أهداف السلوك الإنساني، وهذا ما يجعلها متميز عن الوجود الحيواني مرتبط بالصراع من أجل البقاء، وهو ما يجعل التقنية عنده لا تتجاوز المستوى الغريزي.

        3- يختم شبنغلر نصه بالحديث عن علاقة الآلة بالتقنية موضحا أن التقنية هي تلك الأهداف والمخططات والاستراتيجيات التي تقف وراء صنع الأدوات، وهذا ما يجعل من التقنية فكرا وسلوكا هادفا وليس مجرد موضوعات وآلات خارجية.

إن التقنية هي تلك الأفكار والاستراتيجيات التي تحدد أهدافا مرسومة سلفا وليست مجرد أدوات وآلات، لأن هذه الأخيرة مجرد نتاج لسيرورة من التأملات التي تسبقها وتحدد أهدافها بشكل قبلي.

البنية الحجاجية للنص:

1-   حجة الدحض:

 دحض التصورات السائدة حول التقنية، تلك التي تربط التقنية بصنع الأدوات والآلات، وتلك التي تربط التقنية بأهدافها وكيفية اشتغالها.

2-سلوب المقارنة:

المقارنة بين التقنية عند الحيوان التي تظل مجرد خطة حيوية والتقنية عند الإنسان باعتبارها خطة حياة.

3-التمثيل:

 استخدام الحرب الحديثة للتدليل على أن التقنية سلوك واستراتيجيات أكثر مما هي أشياء وآلات وأدوات وصنائع.

نص:"ما التقنية؟ مارتن هيدجر

صاحب النص :

هيدجر: فيلسوف ألماني معاصر (1889-1976) اهتم بالكينونة أو الوجود الإنساني باعتباره موضوع تم نسيانه في تاريخ الفلسفة ابتداء من أفلاطون. من أهم مؤلفاته: “الوجود والزمن

أبعاد التقنية على الوجود الإنساني:

    يحاول الفيلسوف الألماني الهيدجري أن يجيب عن سؤال حول مصير العالم وفي نفس الوقت سؤال حول استعادة السؤال عن الوجود. فماهي التقنية حسب هايدجر؟ وهل تشكل التقنية فعلا تهديدا للوجود وللمصير الإنساني؟ وهل من طريقة لاستعادة سؤال الوجود في ظل هيمنة التفكير التقني؟

يرى أن الخطاب التقني، الذي ساد في المجتمعات الحديثة حول الطبيعة إلى موضوع للاستنزاف والتدمير والسيطرة والهيمنة.  فسيطرة العقل التقني الرياضي الذي وجدت فيه العقلانية الحديثة شكلها الخاص جعل الطبيعة خاضعة لسيطرة هذا العقل دون تفكير فيما سيلحق الطبيعة من دمار وخراب.

لذا فإن إن الحل حسب هيدجر هو القطع مع هذا العقل التقني الذي يسعى إلى الكشف عن أسرار الطبيعة واستخراج مواردها واستغلال خيراتها. إن العلم حسب هذا التصور الهيدجري ليس هو من يؤسس التقنية، بل العلم نفسه ضارب بجذوره في جوهر التقنية.

مع التقنية لم يعد الإنسان حسب هيدجر كائنا حرا صانعا للأدوات - كما تدل على ذلك كلمة téchné الإغريقية التي تجمع بين الصانع الحرفي والفنان - ومتحكما فيها ومسخرا لها لتحقيق أهدافه، بل أصبح خاضعا لها بحكم أن البعد الآلي للتقنية حل محل البعد الغائي مما جعلها تنفلت من قبضة الإنسان فأصبحت تسيطر عليه.

إن كلمة التقنية عند الإغريق لا تعني حسب هيدجر الحرفة اليدوية أو الصنعة، بل تعني حتى الفن.."التقنية لا تعني الحرفة اليدوية كما لا تعني الفن، ولا تعني التقنية بمعناها الحالي، ولا تعني نوعا من الإنجاز العلمي، بل تعني نوعا من المعرفة، وتقوم ماهية هذه المعرفة في الكشف، كشف الوجود".

والكشف هو حدوث ومساءلة للطبيعة من أجل استخراج طاقاتها ومكنوناتها اعتمادا على القسر والتحريض والاستثارة. هكذا تصير حقيقة العصر التقني هي الكشف عن الطاقات الموجودة في الطبيعة بشكل مهول يستنزف خيراتها.  بهذا المعنى فإن التقنية تشكل قوة تسيطر على الإنسان وتتحكم فيه، تخفي في جوهرها علاقة الكون بالإنسان.

خلاصة المحور:

يتبين أن مارتن هيدجر يتفق مع شبنغلر في رفض ربط التقنية بالأدوات والآلات الصناعية، وجعلنا مقترنة بالفكر والروح. سواء كانت خطة حياة تهدف إلى توجيه السلوك الإنساني حسب شبنغلر، أو ربطها بالتفكير الميتافيزيقي الذي يهدف نسي الاختلاف الانطولوجي بين الوجود والموجود، وصار يبحث عن السيطرة والهيمنة على الطبيعة وتحريضها على العطاء وارغامها على استخراج طاقاتها ومواردها الخفية.



 


عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات