مجزوءة المعرفة
تقديم عام:
إضافة إلى بعد الوضع البشري، توجد فعالية أخرى
تميز الإنسان عن باقي الموجودات الأخرى، وهي المعرفة فالإنسان لا يظل منغمسا في
وجوده الطبيعي بل يتمرد على هذا الوجود ويبدأ في فهم وتحليل الطبيعة والقوانين
التي تحكمها من أجل السيطرة عليها وتسخيرها لصالحه.
هكذا سيجعل الطبيعة موضوعا للمعرفة ولن يقف عند هذا الحد بل ذهب أبعد من
ذلك حيث جعل نفسه موضوعا للمعرفة وهذا ما يسمى بالعلوم الإنسانية، على عكس العلوم
الأولى التي تسمى بالعلوم الحقة وهذا ما أدى به إلى طرح قضية الحقيقة لكونها الهدف
الذي يسعى له الإنسان. فهو سعي لمعرفة حقيقة الكون وحقيقة ذاته.
تعتبر النظرية في التمثل الشائع رأي أو
تفكير أو حكم ويعبر عنه بالقول والكلام، لهذا فالنظرية تقابل العمل يقول أرسطو:
"الإنسان يهتدي بمعطيات فن (علم) من الفنون أي ممن يتبعون التجربة وحدها فالمهندس
فوق العمال اليدويين والعلوم النظرية فوق العلوم العملية الخالصة".
في اللاتينية théorie
مشتقة من فعل théorien
بمعنى نظر (لاحظ) تأمل وفي الفرنسية théorie هي مجموعة من الأفكار والمفاهيم المجردة
المنظمة قليلا أو كثيرا والمطبقة على ميدان مخصوص وهي بناء عقليا منظما ذات طابع
فرضي استنباطي، كما يعرفها روبير. يتحدد الإطار الإشكالي لمفهوم النظرية والتجربة
داخل الحقل الخاص، ببناء النظريات العلمية في العلوم التجريبية.
ويطرح هذا الحقل مشكلات فلسفية تتمحور حول علاقات ومفاهيم متوترة مثل العقل / الواقع، الذات / الموضوع، النظرية / التجربة، فإذا كان العقل والتجربة مكونين أساسيين في بناء النظرية العلمية فما هو الوضع الذي يأخذه كل منهما في هذه المعرفة؟ وكيف يبني الإنسان معرفته بالواقع؟ وما دور العقل والتجربة في بناء هذه المعرفة؟ وما معيار علمية نظرية ما؟