التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

نظريات التعلم - نظرية التعلم الاجتماعي والفيكوتسكية الجديدة-

 



نظرية التعلم الاجتماعي

يمكن تعريف التعلم الاجتماعي بأنه عملية اكتساب الفرد لاستجابات وأنماط سلوكية جديدة من خلال موقف اجتماعي معين، حيث يتم تعلم السلوك من خلال الملاحظة سواء أتم ذلك بشكل عفوي أم مقصود. فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يتأثر باتجاهات الآخرين وبمشاعرهم وتصرفاتهم بالإضافة إلى إمكانية التأثر بالثواب والعقاب.

لقد ظهرت نظرية التعلم الاجتماعي التي اقترحها العالم الأمريكي ألبيرت باندورا Albert Bandura خلال فترة الستينيات. وتؤكد هذه النظرية على الأهمية البالغة للملاحظة والتقليد في عملية التعلم.

وكرد فعل على النظرية السلوكية لسكينر Skinner والتي هيمنت طويلا على الساحة في تلك الفترة، بين باندورا بأنه إذا كان من الممكن أن نتعلم سلوكا معينا بمجرد تعزيزه بثواب أو عقاب، فإنه ليس من الضروري أن يقوم الفرد ذاته بتجربة هذا التعزيز، بل إن مجرد ملاحظة التجربة عند الآخر قد يكون كافيا لحصول نفس أثر التعلم عند الفرد. فالآخر يستطيع أن يقوم بدور هام في التعلم، وذلك من خلال الملاحظة والتقليد. وقد طور باندورا نظريته فيما بعد وذلك بإعطاء أهمية قصوى في التعلم ليس فقط للتفاعلات المعرفية، بل أيضا للتفاعلات الاجتماعية للفرد مع محيطه.

وستعرف نظريته خلال الثمانينيات بالمعرفية الاجتماعية.

تعرف نظرية باندورا هذه بأسماء متعددة مثل:

-    نظرية التعلم بالملاحظة والتقليد.

-    نظرية التعلم بالنمذجة.

-    نظرية التعلم الاجتماعي

ويجمع الباحثون المختصون على أن نظرية باندورا حول التعلم الاجتماعي تمثل حلقة وصل بين النظرية المعرفية والنظرية السلوكية.

 

1- أسس التعلم في نظرية باندورا

يذهب باندورا إلى أن الطفل يكتسب مختلف الأنماط السلوكية بناء على الأسس التالية:

- ملاحظة الآخرين وتقليدهم أي محاكاة النماذج التي يلاحظها في محيطه الاجتماعي.

- التعلم بشكل بديلي أي أنه ليس من الضروري دائما المرور بالخبرات المباشرة بل يمكن أن يتعلم من تجارب الآخرين والنتائج المترتبة عنها.

- تساهم النتائج المترتبة عن تجارب الآخرين مثل الثواب أو العقاب في تعزيز سلوك ما أو توقفه لدى المتعلم. (أخذ العبرة من النموذج أو الآخرين الذين خاضوا التجربة الفعلية).

- هناك عمليات معرفية وسيطية تساهم في الانتقاء والتحكم في عملية الاكتساب وتنفيذ ما تم اكتسابه وتعلمه.

- لا ينفذ التعلم دائما مباشرة بعد عملية الملاحظة، بل يتم تخزينه في الذاكرة ليتم استدعاؤه بحسب الظروف والمواقف التي تواجه الفرد.  

- تجربة باندورا:

لقد قام باندورا بتجربة في إحدى رياض الأطفال بعرض مشاهد عدوانية في فلم سينمائي يجسد رجلا يعتدي جسديا ولفظيا على دمية كبيرة في حجم إنسان. فلاحظ في النهاية أن الاستجابات العدوانية لدى الأطفال العينة التجريبية كانت كبيرة مقارنة مع العينة الضابطة التي لم تتعرض لهذه المشاهد.

 كما أن التأثر بالعقاب يؤدي إلى الكف. أي أنه ينقل أثر العقاب إلى باقي التلاميذ ويمتنعون عن أداء السلوك الذي كان سببا في عقاب زميلهم، هذا الأمر يؤكد على أهمية البعد الاجتماعي وإدراك أن الواقع الاجتماعي والعلاقات والتجارب التي نكتسبها من الخبرة الاجتماعية تؤثر علينا بشكل كبير، سواء أدركنا ذلك أم لم ندركه.

2- مراحل التعلم الاجتماعي

يتم التعلم الاجتماعي حسب باندورا من خلال مجموعة من العمليات وهي:

-    الانتباه : وهو العملية الأولى في التعلم بالملاحظة، لأن الطفل لا يستطيع تقليد النماذج التي لا تثير انتباهه سواء من حيث قوة الموقف أو الأصوات أو الحركات أو الألوان وما إلى ذلك.

-    التنفيذ : ويتطلب قدرة الملاحظ على تكرار الأنماط السلوكية الصادرة عن النموذج، وقيامه بتغذية راجعة تبين مدى إتقان السلوك الملاحظ.

-    الاحتفاظ : ويشترط توفر قدرات معرفية سليمة كتخزين السلوك الملاحظ لدى النموذج في الذاكرة، وتذكره واستدعائه عند اللزوم.

-    التعزيز : وهو عملية تأتي بعد تنفيذ السلوك التي تمت ملاحظته، بحيث يمكن أن يحظى هذا السلوك بتشجيع المحيط مما يساعد على استمراره وترسيخه لدى المتعلم، أو برفض أو عقاب من المحيط مما يؤدي إلى الخوف من عواقبه وبالتالي التخلي عنه نهائيا.

3- آليات التعلم الاجتماعي

يذهب باندورا إلى أن التعلم بالملاحظة يتم وفق مجموعة من الميكانيزمات وهي:

-    العمليات الإبدالية: قد لا يحتاج الإنسان دائما إلى أن يتعلم من خلال التجربة الشخصية المباشرة، بل يمكنه أن يتعلم بشكل بديلي من خلال ملاحظة الآخرين دون الدخول في التجربة المباشرة، لمعرفة نتائج السلوك الملاحظ وذلك من أجل تعزيزه او اجتنابه.

-    العمليات المعرفية : تقوم هذه العمليات في جوهرها على تسجيل ما لاحظه الفرد من أنماط سلوكية لدى النموذج ثم يقوم بتخزينها في الذاكرة واستدعائها بغرض استخدامها عند اللزوم.

-    عمليات التنظيم الذاتي : يمتلك الانسان بطبيعته قدرات هائلة تمكنه من تنظيم سلوكياته انطلاقا من النتائج المتوقعة، مما يساعده على اتخاذ القرار إما بترسيخ السلوك المقصود وتعزيزه، أو تجنبه مخافة العواقب المترتبة عنه.

4-مصادر التعلم الاجتماعي

  يستطيع الانسان أن يكتسب خبراته ومعارفه من خلال العديد من المصادر منها:

-    التفاعل المباشر مع الأشخاص : تشكل الملاحظة المباشرة للآخرين مصدرا من مصادر التفاعل الاجتماعي الذي يمكن الأفراد من محاكاة أو تقليد النماذج والأنماط السلوكية الملاحظة في محيطهم الاجتماعي.

-    التفاعل غير المباشر : يمكن أن يتم هذا التفاعل من خلال قنوات أخرى مثل وسائل الاعلام المختلفة.

-    مصادر أخرى متنوعة: وتتمثل في قراءة القصص والروايات الدينية والأدبية، وتقمص الشخصيات التاريخية ومشاهير الرياضة والفن ...وكلها مصادر غير مباشرة تساهم في التعلم الاجتماعي.

5- التطبيقات التربوية لنظرية باندورا

ساهمت نظرية باندورا من جهتها في إغناء التطبيقات التربوية المتعلقة بالجانب الاجتماعي. إذ يعتبر التعلم عن طريق الملاحظة والتقليد أحد الأسس لتنمية المهارات الحرفية والفنية والرياضية.

كما تساهم التطبيقات التربوية لهذه النظرية في تعديل سلوك الأفراد من خلال الإجراءات الذاتية وذلك بتعزيز ما هو مرغوب فيه وتجنب ما هو مرفوض اجتماعيا. إضافة إلى ذلك يستطيع المتعلم أن يكتسب الكثير من الأنماط السلوكية باستخدام النموذج، حيث أن المتعلم يتأثر بأفعال الآخرين أكثر مما يتأثر بالقول.

الفيكوتسكية الجديدة:

لقد ظلت أعمال فيكوتسكي Vygotski غير معروفة في أوروبا لمدة طويلة، إلى أن تمت أول ترجمة لمؤلفه إلى الفرنسية سنة 1985 حيث لقيت نجاحا كبيرا إلى درجة انه يمكن الحديث اليوم عن تيار الفيكوتسكيين الجدد Néovygotskien وتجسده مجموعة من الأعمال المعاصرة التي تعتبر امتدادا لأطروحات فيكوتسكي حول التعلم والتربية ومن بينها على سبيل المثال أعمال E. Wenger وينجر J. Lave ج. لايف  H. Gardner هـ.جاردنر...وغيرهم. وقد شكلت أعمال   جر وم برونرJérôme Bruner   كواحد منهم على الخصوص منعطفا آخر للثورة المعرفية، حيث نشر في 1990 مؤلفين رئيسيين وجه فيهما انتقاداته للسيكولوجيا المعرفية الحالية لأنها وضعت طريقا مسدودا أمام البعد الاجتماعي والثقافي للنمو والاشتغال المعرفي للإنسان.

 إن التعلم حسب برونر هو قبل كل شيء اكتساب الرموز والدلالات الخاصة بثقافة معينة. مما يسمح للفرد بالاندماج وأخذ مكانته داخل المجتمع الذي أنتج هذه الثقافة. أي أن التعلم حسب برونر هو سيرورة بناء آخر للمعنى داخل سياق تاريخي ثقافي خاص.

 وبالنسبة لبرونر وزملائه لا يمكن اعتبار التعلم سيرورة فردية بل جماعية لأن تكوين المعارف ومعرفة الفعل، هي قبل كل شيء موارد جماعية. وقد لقي هذا التيار نجاحا ملحوظا لأنه عمل على تدارك العجز الواضح للنظريات المعرفية وإعادة الاعتبار للبعد الاجتماعي والثقافي للتعلم مما أدى إلى تطوير التطبيقات التربوية المرتبطة بالتفاعلات الاجتماعية مثل التعلم التشاركي وكذلك التعلم بالمرافقة المعرفية مثل: نقل المعرفة النظرية والتطبيقية بحضور المدرب الذي يلاحظ أداء المتعلم لمجموعة من المهام إلى أن يصبح مستقلا في تعلمه: مثلا تعلم حرفة معينة مثلا النجارة التكوين المهني .. أو مهنة تتطلب القيام بمهارات معينة (الطب – التعليم..).


عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات