التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

جوهر الوجود الإنساني: بين الوعي واللاوعي من يقود الإنسان؟




 من يقود الانسان؟ الوعي أم اللاوعي؟

الوعي البشري بدأت تدبُّ في أوصاله الحياة، وبدأ أعظم شيء في هذه الحياة يتنفس وجوده. قبل بضع لحظات كان يغط في نوم عميق، وكانت المادة البيولوجية في دماغك نائمة أيضاً، كما هي الآن، لكن أنماط النشاطات قد تغيرت قليلاً.  ففي هذه اللحظة تستمتع أنت بخبراتك الحياتية، وتقرأ في بعض الصفحات وتستخرج المعاني منها، وقد تشعر بالدفء يتسلّل في ثنايا جلدك، والنسيم يُداعب قذلتك، وتستطيع تحديد وضع لسانك في فمك، أو ارتداء فردة حذائك في رجلك اليُسرى.

وإذا كان معنى اليقظة لك، هو أن تُدرك هويتك، وحياتك، وحاجاتك، ورغباتك، ومُخططاتك ها قد بدأ النهار وأنت تستعد لتوثيق علاقاتك، وتسعى نحو أهدافك، وتوجه كل تصرفاتك بهذا الاتجاه. ولكن إلى أي حد يُسيطر وعيك على مُجمل نشاطاتك اليومية؟

تأمل وأنت تقرأ هذه الجمل، وعيناك تتحركان فوق الصفحة، وأنت على وعي بسرعة مرورهما فوق الكلمات، وهما يتحركان بكل سهولة عبر الصفحة، وبدلاً من ذلك تقفز من نقطة ثابتة إلى أخرى، وحينما تكون عيناك قد وصلتا إلى منتصف المسافة، تتحركان بسرعة عالية في القراءة، ثم تلتقطان شيئاً من النص حين تتوقف وتُثبته في مكان ما، وفي العادة تأخذ هذه العملية جزءا من الثانية، أو ما شابه من الوقت، ونحن لا نعي أبداً كل هذه الوثبات، والقفزات، والوقفات والتحركات لأن دماغك سيُواجه بعض المشاكل في تأكيد إدراكك للعالم الخارجي.

وتبدو القراءة غريبة جداً حينما تتأملها، فكلما قرأت كلمات تنساب معانيها من هذا التسلسل في الرموز مباشرة إلى دماغك، ولكي تشعر بعظم هذه العملية، حاول أن تقرأ المعلومات الآتية من لغات أجنبية مختلفة

আপনার মস্তকিরে মধ্য েসরাসরী চহ্নি এই ক্রম থকে েপ্রবাহ অখ

эта азначае, патокі з сімвалаў непасрэдна ў ваш мозг

당신의 두뇌에 직접 심볼의 흐름을 의미

هل أنت قبطان هذا القارب؟ أم أن قراراتك وتصرفاتك، ترتبط أكثر بالعمل التلقائي للشبكات العصبية الهائلة التي لا تراها عيناك؟ وهل ترتبط نوعية حياتك اليومية بالقرارات الجيدة التي تتخذها، أم أنها ترتبط بدلاً من ذلك بأدغال كثيفة من الخلايا العصبية والحركة الدائمة لعمليات النقل الكيميائي اللامتناهية؟

هل الدماغ اللاواعي في حالة عمل مستمرّة من العمل؟

تخيل أننا نجلس معاً في إحدى المقاهي، ونتجاذب أطراف الحديث، وأنت تراقبني وأنا أحمل فنجان قهوتي لأرتشف رشفة منه، هذا تصرف عادي، ولا يحمل أي معنى إلا إذا دلقت القهوة على قميصي! ولكن دعنا نُسمّي الأشياء بمسمياتها، إن حمل فنجان القهوة من على الطاولة إلى الفم، هو ليس عملاً سهلاً، فما زال عُلماء الروبوتات يصلون الليل بالنهار، لكي يجعلوا هذا العمل ممكنا بكبسة زر.

ولكن لماذا؟ لأن هذا العمل البسيط تتولى أمره تريليونات السيالات الكهربائية التي يُنسق عملها الدماغ بشكل تفصيلي ودقيق للغاية.

إذ يتولى النظام البصري مسح المشهد، لكي يُحدّد موضع الفُنجان الذي أمامي، أما خبرتي الطويلة فتنشط ذكرياتي حول القهوة في مواقف مختلفة، وتتولى القشرة الأمامية عملية نقل الإشارات في مسارها باتجاه القشرة الحركية التي تقوم بدورها بتنسيق التقلصات العضلية (في الجذع والذراعين والساعدين واليدين)، لكي أستطيع أن أمسك الفنجان وما أن أمسك الفنجان، حتى تحمل الأعصاب حُزم المعلومات المتعلقة بوزن الفنجان.

 وما أن تتجمع المعلومات في الحبل الشوكي، ثم الدماغ، حتى تُحمّل بتيارات معلوماتية راجعة تُشبه حركة السير في طريق ذي اتجاهين، وتنشأ المعلومات من تصوير مُعقد لأجزاء الدماغ التي يُطلق عليها أسماء مثل العُقد العصبية، والمخ والقشرة الحسية الجسدية، وخلافها الكثير، وفي غضون أجزاء من الثانية تُعدل القوة التي ينبغي أن أفوّضها لحمل ذلك الفنجان، وقوة الإمساك به، وبحسابات مُكثّفة وتغذية راجعة تُعدّل العضلات لحفظ مستوى الفنجان.

وبصراحة تخورُ قُواي أمام هذه العاصفة الضوئية التي تحدث في دماغي، ورغم أن الشبكات العصبية تضج بالنشاط، إلا أن خبراتي الواعية هي شيء آخر مختلف شيءٌ يشبه النسيان التام.

تعمل آلية اللاوعي في دماغنا في جميع الأوقات، ولكنها تسير بشكل سلس لدرجة أننا في العادة لا نشعر فيها، ونتيجة لذلك لا يُمكننا تثمين ما تقوم به إلا في حالة توقفها، فماذا تشبه هذه الآلية فيما لو فكرنا بشكل واع بعملها الذي غالباً ما يأتي دون إحساس منا.

الفرق بين الانسان العادي والذكي الذي يقوم بنشاط صعب بسهولة أن الأول يحتاج إلى مجهود كبير للوصول إلى تلك النتيجة لأن الجهاز العصبي والروابط الدماغية لم تتعود على ذلك النوع من النشاط الذي يحتاج إلى مجهود كبير من أجل القيام به.

عندما تُمارس مهارات جديدة، تُصبح هذه المهارات جزءًا من الشبكة الثابتة للدماغ، تنغمر تحت الوعي، وبعض الناس يحبذ أن يدعو ذلك الذاكرة العضلية، ولكن في الحقيقة هذه المهارات لا تخزن في العضلات، وإنما تُنسق مثل لعبة بناء المجسمات بالأكواب، بوصلات عصبية كثيفة في دماغ أوستن.

تقوم أدمغتنا عبر حياتنا بإعادة تدوين نفسها لبناء دارّة تحكم كهربائية متخصصة في المهام التي تُمارسها، سواء أكانت للمشي، أم للتجديف، أم للقفز أم للسباحة، أم لقيادة السيارات. لهذا  تعد هذه القدرة التي يقوم بها الدماغ بدمج البرامج في تركيبته الأساسية، من أعظم الحِيَل؛ لأنه بهذه الميزة يستطيع حل مشكلة الحركات المعقدة من خلال استهلاك القليل من الطاقة، وذلك عن طريق دارة تحكم كهربائية مُتخصصة في الشبكة العصبية الثابتة، وما أن يتم دمجها في دارة التحكم تعمل هذه المهارات دون تفكير (دون وعي)، وهذا يوفر العمل، ويسمح للوعي أن ينتبه إلى أشياء أخرى، ويؤديها.

وهذا الأمر له أثر كبير في النشاط التلقائي للدماغ، أي أن المهارات الجديدة تنغمر تحت الوعي وتكون بعيدة عن سيطرته، وهذا يعني أنك تفقد البرامج المعقدة التي تعمل تحت خوذة الرأس ولذلك أنت لا تعرف بالضبط ما تقوم به، وعندما تصعد على الدرج وأنت تنخرط في حديث ما لا يخطر ببالك حساب عشرات التعديلات الدقيقة التي يُجريها جهاز الاتزان في جسمك، وكيف يقوم لسانك بحركات لإخراج الأصوات بصورة صحيحة حسب لغتك، وهذه مهام صعبة لا يُمكنك دائماً القيام بها، دون أن تُصبح حركات تلقائية وغير واعية، وهذا يُشبه التحليق في رحلة طيران  نحن نشعر في رحلة العودة أثناء المسار اليومي، وفجأةً تُدرك أنك قد وصلت دون أي ذاكرة حقيقية للقيادة، فقد تم تذويت المهارات الخاصة بالقيادة لدرجة أنك تستطيع القيام بأعمالك الروتينية دون وعي.


عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات