التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

نصوص فلسفية: الرغبة

 




"إن مفهوم السعادة مفهوم غير محدد بدقة، فرغم وجود رغبة لدى كل إنسان لكي يصبح سعيدا، فليس بوسع أي يفصح عما يرغب فيه وعما يريده بكلمات دقيقة ومتماسكة. والسبب في ذلك يعود إلى كون جميع العناصر المكونة لمفهوم السعادة هي من طبيعة تجريبية، بمعنى أنها تصدر عن التجربة، وبالرغم من ذلك فإن مفهوم السعادة يستدعي بالضرورة كلاً مطلقا، وحدا أقصى من العيش الرغيد الذي تقتضيه وضعيتي الراهنة والمقبلة.

 ومع ذلك فمن المستحيل على كائن متناه يحمل فكرا ثاقبا - وهو في الوقت نفسه قوي أكثر مما نتصور.. أن يُكوّن تصورا محددا عما يريد بالضبط فهل يريد الثروة؟ كم هي الهموم والجشع والكمائن التي سيجلبها لنفسه؟ هل يريد مزيدا من المعرفة والأنوار؟ ربما لن يمنحه ذلك سوى رؤية عميقة تسمح له بتمثل أكثر فظاعة للشرور التي لم يكن يأبه لها حتى الآن بالرغم من استحالة تجنبها، أو ربما سيزيد من شحن رغباته بحاجات جديدة، ويجد الكثير من الصعوبة في إشباعها. هل يريد حياة مديدة؟ من سيجيبه بأن ذلك لن يكون سوى عذاب طويل؟.. إن المشكلة التي تتمثل في تحديد دقيق وعام لأي فعل تتولد عنه سعادة كائن عاقل لهي مشكلة بدون حل. إذ ليس هاهنا سلطة قادرة على توفير السعادة، لأن هذه الأخيرة ليست مثالا من صنع العقل بل من صنع خيال مؤسس على مبادئ تجريبية فقط، ننتظر منها بدون جدوى أن تكون قادرة على تحديد الفعل الذي سيحقق مجموع سلسلة من النتائج هي في الواقع لامتناهية.

Kant, Fondements de la métaphysique des mœurs, trad. Victor Delbos, ed. CERES 1994, pp. 94-99.





"يلزم أن نعلم أنه من بين الرغبات توجد رغبات طبيعية وأخرى تافهة ومن بين الرغبات الطبيعية هناك ما هو يريح الجسد، وهناك ما هو صالح للحياة بكل بساطة بالفعل، إن إلقاء نظرة وجيزة على هذه الأصناف سيسمح بالاختيار أو الرفض قياسا إلى سلامة الجسد وهدوء الروح، وتلك هي قمة الحياة السعيدة. وبالنظر إلى ذلك نود تجنب الألم والقلق، وعندما يتحفة لنا هذا الأمر، ستتلاشى اضطرابات النفس، ولن يتوجه الكائن الحي إلى ما ينقصه، ولن يستهدف أبدا أية إضافة لما فيه خير النفس والبدن.

 إننا لا نبحث عن اللذة إلا عندما نتألم من جراء غيابها، إلا أننا الآن لم نعد نفتقر إليها، ولهذا نرى أن اللذة هي بداية الحياة السعيدة ونهايتها لأنها تمثل أولى الخيرات الطبيعية فهي مبدأ اختيارنا ورفضنا (...)) وبما أن اللذة بالضبط الخير الأول المقترن بطبيعتنا، فإنها تمثل ما نبحث عنه باستمرار ولكن هناك حالات نستخف فيها ببعض اللذات خاصة عندما تكون لها عواقب غير مرغوب فيها، وهناك حالات نفضل فيها بعض الآلام عن اللذات، خاصة عندما نتحملها لوقت طويل بحيث تكون اللذة التي تعقبها أكبر منا. فكل لذة بما هي كذلك خير، ومع ذلك لا ينبغي البحث عن أية لذة كيفما كانت، والأمر نفسه بالنسبة للألم، فرغم أنه يعتبر شرا على الدوام ومع ذلك لا ينبغي رفضه.

Epicure, Lettre à Ménécée, Trad. De P.Penisson, in Epicure textes sur le plaisir, Ed, Hatier, 1984, pp.47-48.



"إنه من الأصوب أن نميز في الرغبة أنواعا متعددة ومختلفة بقدر تعدد الموضوعات التي نبحث عنها، ذلك أننا لو أخذنا مثلا الفضول أو حب الاستطلاع التي ليست سوى رغبة في المعرفة، لوجدنا أنها تختلف كثيرا عن الرغبة في المجد، وهذه الأخيرة تختلف عن الرغبة في الانتقام، وهكذا دواليك عن سائر الرغبات، ولكن يكفي هنا أن نعلم بأنه هناك أنواع من الرغبات، بقدر ما هناك من أنواع الحب والكراهية، وأن أحقها بالاعتبار وأقواها هي الرغبات التي تولدها البهجة والنفور ...

فما الرغبة التي تولدها البهجة؟ إن الطبيعة قد أقامت البهجة لتُصوّر التمتع بما هو مُبهج وملذ كأعظم خير بين كل الخيرات التي تنتمي إلى الإنسان، وهذا ما يجعلنا نشتهي بحرارة فائقة هذا التمتع ، صحيح أن هناك أنواعا مختلفة من البهجات، وأن الرغبات التي تتولد بفضلها ليست كلها بالقوة ذاتها، ومثال ذلك، أن جمال الأزهار يحضنا فقط على النظر إليها، في حين أن جمال الفاكهة يحثنا على أكلها، غير أن الابتهاج الرئيسي هو الذي يأتي من الكلمات التي نظنها في شخص، نعتقد أنه يستطيع أن يصبح ذاتنا الأخرى... إذا لاحظنا لدى شخص شيئا معينا يبهجنا أكثر مما يبهجنا ما نراه في الوقت ذاته لدى الآخرين، فإن ذلك يوجه النفس لأن تشعر نحو هذا الشخص وحده، بكل الميل الذي منحته إياه الطبيعة للبحث عن الخير الذي تصوره له، بأنه أعظم خير يمكن أن يحوزه، وهذا الميل أو الرغبة التي تولد هكذا من الإحساس بالبهجة تسمى عادة الحب"

النص هو للفيلسوف الفرنسي René Descartes(1450-1596) ، مأخوذ من مؤلف له بعنوان: " انفعالات النفس.    ." (1449) Les Passions de L'ame

..............................................................................



      "إذا كانت الرغبة حرمانا من موضوع واقعي فإن واقعيته نفسها تكمن في ماهية الحرمان" الذي ينتج الموضوع الاستيهامي. ومن هذا المنظور، فالرغبة تعتبر إنتاجا، ولكنها إنتاج لاستيهامات تم عرضها من قبل التحليل النفسي بشكل جيد. ففي مستوى أدنى للتأويل، يعني ذلك أن الموضوع الواقعي الذي تنقصه الرغبة يحيل لصالحه الإنتاج الخارجي.

غير أن الرغبة تنتج داخليا متخيلا من أجل مضاعفة الواقع كما لو كان هناك موضوع حالم خلف كل موضوع واقعي (...) إذا كانت الرغبة تبدع فإنها تبدع الواقع، وإذا كانت الرغبة تنتج فإنها لن تكون كذلك إلا في الواقع (...) فالرغبة وموضوعها لا يشكلان إلا شيئا واحدا (...) ليست الرغبة هي التي تقاس على الحاجات بل العكس إن الحاجات هي التي تشتق من الرغبة: إنها، في الواقع، إنتاجات مضادة لتلك التي تنتجها الرغبة. الحرمان هو تأثير منعكس للرغبة: لقد تم وصفه وإعداده في الواقع الطبيعي والاجتماعي (...) وفي الحقيقة فإن الإنتاج الإجتماعي هو وحده الإنتاج القائم على الرغبة ضمن شروط محددة. نقول إن الحقل الاجتماعي مخترق من طرف الرغبة بشكل مباشر. ولذا فهي منتوج تاريخي محدد (...) فليس هناك غير ما هو رغبة وما هو اجتماعي ولا وجود لشيء آخر، حتى الأشكال الأكثر قمعا والقاتلة للإنتاج الاجتماعي تم إنتاجها بواسطة الرغبة، وإن التنظيم المترتب عنها تحت هذا الشرط أو ذاك هو ما ينبغي تحليله.

G.Deleuze et P.Guattari, L'anti -oedipe, Ed, Minuit, 1972, pp ,33-34




 

عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات