التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

الخطابة عند اليونان: أصول الخطابة في الفكر الإنساني: ذ. أيوب الوكيلي

 

قيمة الخطابة لدى اليونان:



عرفت الأمم جميعها ظاهرة الخطابة، بيد أن الأثر الأهم لهذا الفن ظهر عند اليونان، لدى فإنه من المؤكد أن تكون الخطابة ظاهرة عامة في المجتمع اليوناني، مثل السفسطائيين كانت لديهم مواهب في تعليم الخطابة، إذ أبهرت طريقتهم الجديدة العامة، ولقد اطلع بها جورجياس فأبهر بها عقول الأثينيين، لجدتها عليهم، وفيما بعد تعود الناس الخطابة الجديدة الممتلئة بالسجع والتكرار والتزويق اللفظي. استعملها اليونان لغرض التمييز بين الحق والباطل والفصل في المنازعات ومساعدة العدالة على القصاص من الجاني وتبرئة المتهم البريء وحماية المجتمع من الجريمة، لذا يجب أن يتعاون القاضي والنائب على إحقاق الحق فكان اليونان يستعملونها في مرافعاتهم.

لأن الخطابة تلعب جملة من الأدوار داخل الحياة الإنسانية، بكل أشكالها وأنواعها، وكذلك تمتد حاجة الناس إليها إلى مجالات أخرى كثيرة، إذ إن تحقيق فكرتهم أو دعوتهم لا تتم إلا برضا الجمهور عنها وقناعتهم بها. وبذلك لابد من تقويم أسباب نجاح هذا العمل المنساق بالخبرة أو بالفطرة والسليقة، ومن هنا احتاجت الخطابة للعلم بوصفه سلاحا ذو حدين فهي أحيانا تستعمل وسيلة الشر والإيذاء ونصرة الباطل على الحق، ويجيب أرسطو على ذلك بقوله " هذا الاعتراض يرد إذا استثنينا الفضيلة على كل خير ومفيد كالقوة والصحة واليسار والقيادة العسكرية وهذه كلها وسائل للعمل وقد تؤدي إلى الخير كثيرا لو حسن الانتفاع بها وقد تؤدي إلى كثير من الشر لو أسيء تطبيقها".[1] بهذا المعنى  يعد أرسطو أول من بين أهمية الخطابة، ووضع دستورا للخطابة وحدد وظائفها فكان لكتاب الخطابة أثر امتازت به أثنيا فكان خطباؤها بلغاء، أي أن وظيفة الخطابة هي أن تجعل نفس الخطيب مولعة بالخطابة لذا كان لخطبائها نفوذ عظيم في الدولة، حيث اتفق معظم الباحثين على أن أرسطو أول من وضع كتابا وافيا ومنظما في فن الخطابة.

و كما هو معلوم أن الخطابة قد نشأت في سياق قضائي تشاوري، أي أنها أخذت منبعها من الإرادة العملية للتفوق على خصم، في عملية التواصل والمجادلة التي كانت على المستوى القضائي والتشاوري، حيث كانت في نشأتها الأولى سلاحا من أجل الغلبة، لكنه صراع كلمات، يعتمد على الألفاظ وليس اليد، وهذا الأمر الذي نقل العنف إلى زاوية خطابية تواصلية بدل الصراع والحرب.

فالقول الخطابي إذن، وكما ورد على لسان صاحب البيان والتبيان "يكون للخصومة والمنازعة ومناضلة الخصوم والاحتجاج على أرباب النحل ومقارعة الإبطال ومحاجة الخصوم ومناقلة الأكفاء ومفاضلة الإخوان"[2] من هذا المنطلق نفهم أن الخطابة هي فعل يمارس بين الناس في معاملاتهم، وفي السياسة والأخلاق وحياة المدينة، ومرافعات في رحاب المؤسسات، والغاية القصوى منها هي الإقناع، الأمر الذي يتم بطرق مختلفة، للدفاع عن الرأي العام في أي من الأمور والحث على الاقتناع، حيث تساهم الخطابة في اكتساب الفضائل والكمالات، واجتناب الرذائل والسيئات فلا يتبع الناس خطيبا يستعمل الألفاظ النابية في خطبه، إضافة إلى إثارة شعور العامة وإيقاظ الضمير والوجدان فيهم.



[1]أرسطو، الخطابة (الترجمة العربية القديمة)، حققه وعلق عليه عبد الرحمن بدوي وكالة المطبوعات، الكويت، دار القلم، بیروت،  1979ص9.

[2]حمادي صمود: أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم، ص 23.

عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات