الوظيفية
العلاجية للفلسفة:
من هو الحكيم؟
إلى وقت قریب ظلت بعض شعوب المشرق تنعت الطبيب باسم الحكيم، بما يوحي
بأن للطبيب وظيفة إدراك الحكمة،و في أسطورة الكهف - على سبيل المثال - استعمل
أفلاطون كلمة الشفاء للتعبير عن انعتاق الإنسان من سجن الجهل.
الفلسفة لعلاج الروح.. الجنون والمرض العقلي عند الفلاسفة
ظهر مؤخرا أطباء نفسانيون ينهلون من تاريخ
الفلسفة لغاية استكمال العلاج في أبعاده الوجودية، طالما أن الشقاء ملازم للوجود
الإنساني من حيث هو نقص في الكينونة. من بينهم على سبيل المثال الطبيب النفساني
والروائي الأمريكي إريك فروم، وقبل
ذلك، سبق لسيغموند فرويد أن رسم حدود التحليل النفسي الذي يعتبر أنه مكتشفه عندما
أقر بأن دور التحليل النفسي ليس أن يجعلك سعيدا، لكن دوره أن ينقلك من شقاء
مرضي إلى شقاء اعتيادي.
فهلا تستطيع الفلسفة أن تصنع الفرق في حياتنا العملية أو تساعدنا في تقليص دائرة الشقاء التي تبدو ملازمة لنا؟
قصة فلسفة الحياة عند إبكتيتوس
تعرض إبكتيتوس لتعذيب شنيع من طرف سيده الذي أزعجته قدرته الفائقة على تحمل الألم، فوضع السيد المتهور ساق عبده داخل آلة تعذيب وبدأ يدير الآلة بقسوة منتظرا سماع الصراخ، لكن العبد لم يصرخ، وإنما ظل يردد بهدوء عبارة «إنك ستكسرها» (يقصد ساقه). إلا أن السيد المتهور واصل تدوير الآلة، وقد غاضته أنفة عبده الذي اكتفي بمعاتبته بعد أن وقعت المأساة قائلا: «ألم أقل لك إنك ستكسرها !؟». كان هذا الامتحان سببا لعتقه من طرف سیده الذي هل إلى حد الجنون! لكن الحرية لم تأتي بلا كلفة، فقد أصبح إبكتيتوس معوقا. ومع ذلك أنشأ مدرسة وصار من أشهر الفلاسفة الرواقيين في التاريخ.
قبل أن ينال حريته في الأخير، عاش إبكتيتوس معظم
عمره عبدا لا يتحكم في حياته: حيث يقر أنه رغم كل التحديات التي نمر فيها
في الحياة، تبقى لدينا فسحة الأمل من أجل معايشة الصعوبات والتحديات التي نمر بها
في الحياة. ترتبط بما يوجد ف العالم الداخلي للشخص.
ما بين الداخل والخارج:
كل إنسان يعيش في العالم الخارجي الذي قد لا
يتحكم فيه بعض الأحيان، كأن يكون سجينا في زنزانة انفرادية، أو مصابا بشلل كلي، أو
أسير حرب. ومن جهة أخرى هناك عالم داخلي للشخص، أفكاره، تصوراته، مواقفه، أمزجته،
مشاعره، خياله، أحلامه، مقدراته... ويبقى هذا العالم الداخلي في كل الظروف تحت
سيطرته.