مشروع المؤسسة المندمج والأنشطة الاعتيادية في النظام التعليمي المغربي: دراسة تحليلية
الملخص:
تهدف هذه الدراسة إلى تحليل وتقييم مشروع المؤسسة المندمج والأنشطة الاعتيادية في النظام التعليمي المغربي، باعتبارها من أبرز المبادرات الإصلاحية المعاصرة. تستند الدراسة إلى تحليل المذكرات الوزارية والوثائق الرسمية المؤطرة، لهذه المشاريع، مع التركيز على منهجية العمل ومداخل الجودة التعليمية. تخلص الدراسة إلى أن مشروع المؤسسة المندمج يمثل نموذجاً متطوراً للتدبير التربوي الشامل، بينما تشكل الأنشطة الاعتيادية آلية فعالة لتعزيز التعلمات الأساسية.
مقدمة:
يشهد
النظام التعليمي المغربي منذ بداية الألفية الثالثة تحولات جذرية تهدف إلى تجويد
العملية التعليمية-التعلمية وتحسين أداء المؤسسات التربوية. في هذا السياق، تبرز
مبادرتان رئيسيتان: مشروع المؤسسة المندمج والأنشطة الاعتيادية، اللتان تمثلان
محورين أساسيين في استراتيجية الإصلاح التربوي الوطني.
تأتي
هذه الدراسة لتسليط الضوء على هاتين المبادرتين من خلال تحليل الأسس النظرية
والمنهجية المعتمدة، وتقييم آليات التنفيذ والتطبيق الميداني، مع استشراف آفاق
التطوير والتحسين.
الإطار النظري والمفاهيمي
1. مشروع المؤسسة المندمج : المفهوم والخصائص
.1 تعريف
مشروع المؤسسة المندمج : يُعرّف مشروع المؤسسة المندمج وفق
المذكرة الوزارية رقم 121/87 بأنه منهجية تدبيرية شاملة تهدف إلى تحسين جودة
التعليم من خلال دمج مختلف العمليات التربوية والإدارية في إطار واحد متماسك
ومترابط.
.2 المداخل الرئيسية للجودة :
تحدد
الوثائق الرسمية خمسة مداخل رئيسية لضمان جودة مشروع المؤسسة المندمج:
- الحياة المدرسية: تشمل
كافة الأنشطة والممارسات التي تتم داخل الفضاء المدرسي
- الدعم المدرسي: آليات
التقوية والمعالجة التربوية للمتعلمين
- التوجيه المهني والمدرسي: مساعدة
المتعلمين على بناء مسارهم التعليمي والمهني
- الدعم التربوي والاجتماعي والنفسي: الرعاية
الشاملة للمتعلمين
- التجهيزات البيداغوجية: الوسائل
والموارد التعليمية
.3 مبدأ الاندماج والشمولية
يتميز
مشروع المؤسسة بطابعه المندمج من خلال:
- اندماج الفاعلين: يجمع
مختلف الأطراف التربوية والشركاء في رؤية موحدة
- اندماج العمليات: يربط
بين مختلف الأنشطة والممارسات الصفية واللاصفية
- اندماج شامل: يغطي
كافة مجالات الحياة المدرسية والعمليات التربوية
- الاندماج الاجتماعي: يدمج
المتعلمين في وضعيات خاصة أو إعاقة
2 تجارب رائدة في تطبيق مشروع المؤسسة المندمج
2.1 مشروع
ثانويات التحدي:
يُعتبر
مشروع ثانويات التحدي أول تجربة ميدانية لتطبيق مشروع المؤسسة المندمج، وقد تم
تنفيذه في إطار الشراكة بين المملكة المغربية ووكالة تحدي الألفية الأمريكية (MCA). هذا
المشروع الرائد أسس لمنهجية جديدة في التدبير المؤسسي.
2.2 مشاريع
مبتكرة أخرى:
تشمل
التجارب الأخرى:
- مشروع توظيف اللوحات اللمسية في الممارسة
الصفية
- مشروع المدارس الإيكولوجية
- مشاريع الشراكة مع منظمات دولية
منهجية تنفيذ مشروع المؤسسة المندمج
1-
فريق القيادة والإنجاز
يتم
إنجاز مشروع المؤسسة المندمج من طرف فريق قيادة متخصص يتكون من:
- أطر إدارية من إدارة المؤسسة
- أطر تربوية ممثلة لمختلف التخصصات
- ممثلون عن مجلس التدبير
- أعضاء من مختلف مجالس المؤسسة
2- مراحل التنفيذ ومنهجية الانتقال
·
المراحل
الزمنية للمشروع
يمتد
مشروع المؤسسة المندمج عبر ثلاث سنوات، حيث:
- السنة الأولى: مرحلة
التشخيص والتخطيط
- السنة الثانية: مرحلة
التنفيذ والتطبيق
- السنة الثالثة: مرحلة
التقييم والتطوير
v
مفهوم
مرحلة الانتقال
تُعرّف
مرحلة الانتقال في منهج العمل بمشروع المؤسسة المندمج بأنها الانتقال من مشروع
منتهٍ إلى مشروع جديد مطور. هذه المرحلة الحاسمة تتضمن:
- تقييم شامل للمشروع المنتهي: تحديد
نقاط القوة والضعف
- استخلاص الممارسات الجيدة: الاستفادة
من التجارب الناجحة
- تجاوز الإخفاقات: تحليل
الممارسات الفاشلة وتجنبها
- التطوير والتحسين: بناء
مشروع جديد أكثر فعالية
تهدف
هذه المنهجية إلى ضمان التحسين المستمر والاستفادة من التجارب المتراكمة لدى فريق
القيادة والفاعلين التربويين.
الأنشطة الاعتيادية: آلية تعزيز التعلمات الأساسية
1. مفهوم
الأنشطة الاعتيادية وخصائصها
v
التعريف
والمواصفات
تُعرّف
الأنشطة الاعتيادية بأنها أنشطة يومية تنجز داخل الزمن المدرسي للمتعلمين في مجالي
القراءة والرياضيات، بمدة زمنية قدرها 10 دقائق يومياً. هذا التعريف مستند إلى
المذكرات الوزارية المؤطرة، وخاصة المذكرة رقم 100/123 الصادرة عام 2023 والتي تنص
على تعميم العمل بالأنشطة الاعتيادية في جميع المؤسسات التعليمية بالمغرب.
1.2 الإطار
التنظيمي والقانوني يستند تطبيق الأنشطة الاعتيادية إلى
ثلاث مذكرات وزارية أساسية:
- المذكرة رقم 67/22: مذكرة
التجريب الأولى
- المذكرة رقم 73/22: مذكرة
التجريب المطورة
- المذكرة رقم 100/123: مذكرة
التعميم النهائية (2023)
2. الأنشطة
الاعتيادية الحركية:
.1 المفهوم
والخصائص
تمثل
الأنشطة الاعتيادية الحركية نوعاً متخصصاً من الأنشطة الاعتيادية، وتتميز بالخصائص
التالية:
- التكرار: تنجز
ثلاث مرات في الأسبوع
- المدة الزمنية: 20 دقيقة
لكل حصة
- الإطار الزمني: داخل
الزمن المدرسي الرسمي
.2 الإطار
التنظيمي تستند هذه الأنشطة إلى المذكرة الوزارية رقم
68/22 التي تحدد منهجية وآليات تنفيذ الأنشطة الحركية في المؤسسات التعليمية.
المشاريع الدولية والشراكات التعليمية
1. مشروع PEAQ الإنصاف
والجودة:
1.1 التسمية
والمفهوم يشير اختصار PEAQ إلى "Projet
Équité et Qualité" (مشروع الإنصاف والجودة)، حيث:
- Équité: الإنصاف
في التعليم
- Qualité: الجودة
التعليمية
هذا
المشروع يهدف إلى تحقيق التوازن بين مبدأي الإنصاف والجودة في النظام التعليمي
المغربي.
2. مشروع PEAC والشراكة
اليابانية
2.1 إطار
الشراكة ينفذ مشروع PEAC في
إطار الشراكة بين المملكة المغربية والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA). هذه
الشراكة الاستراتيجية تركز على:
2.2 مجالات
التدخل
- المستوى المستهدف: التعليم
الابتدائي
- المواد المستهدفة: الرياضيات
والعلوم
- نوع التدخل: الدعم
التربوي والمنهجي
- الموارد المطورة: عدد
متنوعة من الأنشطة والممارسات البيداغوجية
2.3 الموارد
والأدوات
يوفر
مشروع
PEAC مجموعة من الأدوات والموارد التعليمية المتخصصة
في الرياضيات والعلوم، والتي يمكن استثمارها في أنشطة الدعم مع المتعلمين.
العمل
التربوي بالمؤسسات التعليمية
1. مفهوم
العمل التربوي بالمؤسسات التعليمية
يشير
مصطلح العمل التربوي بالمؤسسات التعليمية (اختصار: ETIE) إلى
إنجاز طلبة الإجازة في التربية لأعمال داخل المؤسسات التعليمية. هذا المفهوم يندرج
في إطار:
2. المؤسسات
المعنية تشمل
المؤسسات التي تطبق هذا النظام:
- كليات علوم التربية
- المدارس العليا للأساتذة
- المدارس العليا للتربية والتكوين
- مختلف مؤسسات التكوين التربوي
3. الأهداف
والوظائف يهدف
العمل التربوي بالمؤسسات التعليمية إلى:
- ربط التكوين النظري بالممارسة الميدانية
- إكساب الطلبة المهارات العملية في التدريس
- تعزيز التكامل بين مؤسسات التكوين والمؤسسات
التعليمية
- إعداد أجيال جديدة من المربين المؤهلين
التحليل والنقاش
1. نقاط
القوة في النموذج المغربي
.1 الشمولية
والاندماج يتميز النموذج المغربي بنهج شمولي يدمج مختلف
جوانب العملية التعليمية، من خلال:
- ربط الأنشطة الصفية باللاصفية
- دمج مختلف الفاعلين التربويين
- التكامل بين التكوين والممارسة
.2 التدرج
في التطبيق يعكس التدرج من التجريب إلى التعميم نضجاً في
منهجية الإصلاح، حيث:
- البداية بمشاريع رائدة (ثانويات التحدي)
- التجريب المحدود للأنشطة الاعتيادية
- التعميم المدروس بعد التقييم
3-
الشراكات الدولية: تعزز الشراكات
مع منظمات دولية
(MCA، JICA) من:
- نقل الخبرات والممارسات الجيدة
- التمويل والدعم التقني
- الانفتاح على التجارب العالمية
التحديات والصعوبات
.1 التحديات
المفاهيمية:
تشير
الوثائق المدروسة إلى بعض الاستخدامات المفاهيمية غير الدقيقة، مثل:
- الخلط بين مفهوم "الحياة
المدرسية" والأنشطة المحددة
- عدم الوضوح في بعض التعريفات والمصطلحات
.2 تحديات
التنفيذ
تواجه
هذه المشاريع تحديات على مستوى:
- التكوين الكافي للموارد البشرية
- توفير الإمكانيات المادية والتقنية
- ضمان الاستمرارية والديمومة
الخلاصة
والتوصيات:
1. الخلاصات
الرئيسية تشكل مبادرتا مشروع المؤسسة المندمج والأنشطة
الاعتيادية نموذجين متقدمين في الإصلاح التربوي المغربي، يتميزان بالشمولية
والاندماج والتدرج في التطبيق. كما تعكس الشراكات الدولية انفتاح النظام التعليمي
المغربي على التجارب العالمية والاستفادة من الخبرات المتراكمة.
التوصيات:
1على
المستوى المفاهيمي
- توضيح وتدقيق المفاهيم والمصطلحات المستخدمة
- وضع دليل مرجعي موحد للمصطلحات التربوية
- تعزيز التكوين في المفاهيم الحديثة للتدبير
التربوي
2 على
مستوى التطبيق:
- تعزيز برامج التكوين للموارد البشرية
- توفير الإمكانيات المادية والتقنية اللازمة
- وضع آليات متقدمة للمتابعة والتقييم
2 على
مستوى التطوير
- الاستمرار في منهجية التطوير والتحسين
المستمر
- توسيع نطاق الشراكات الدولية
- تطوير آليات جديدة لضمان الجودة والإنصاف
المراجع
- المذكرة الوزارية رقم 121/87 حول تعميم
العمل بمشروع المؤسسة المندمج
- المذكرة الوزارية رقم 67/22 حول الأنشطة
الاعتيادية (تجريب)
- المذكرة الوزارية رقم 73/22 حول الأنشطة
الاعتيادية (تجريب مطور)
- المذكرة الوزارية رقم 100/123 حول تعميم
العمل بالأنشطة الاعتيادية (2023)
- المذكرة الوزارية رقم 68/22 حول الأنشطة
الاعتيادية الحركية
- وثائق مشروع ثانويات التحدي والشراكة مع
وكالة تحدي الألفية
- وثائق مشروع PEAC والشراكة
مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA)