هل أفسد "فيسبوك" حياة الإنسان؟
في نظركم ما هي أهم حاجة يطلبها الإنسان في الحياة، طبعا الإجابة التي سوف يتشاركها الجميع هي الإحساس أننا أحرار ونتحكم في أفعالنا وليدنا زمام المبادرة والاختيار في ما نريد أن نفعله، وهو الأمر الذي دافعت عنه الفلسفة منذ القدم، لكن المشكل اليوم أننا أصبحنا تحت رحمة الشركات الكبرى التي تتحكم في وقتنا.
تخيل معي عزيزي المشاهد أن 2.9 من الناس
يستخدمون الفاسبوك، واتساب لديه 2 مليار مستخدم. إذن التعامل الرقمي
بالضرورة يرتبط بهذه الشركات، يأخذ منها كل بيانات الاستخدام، يأخذون كمية خطيرة
من البيانات والشركات، حيث أصبحت
الشركات الكبرى تهدد خصوصية الناس، إذ أننا أصبحنا مجرد، لأن الهدف الذي تسعى إليه
الخوارزميات هو أن تقضي ساعات طويلة بدون انقطاع داخل تطبيقات الفاسبوك.
و من أجل توضيح
هذا الأمر، كلنا تفاجئنا بتوقف الفاسبوك،
في الجميع في أنحاء العالم لمدة ساعات، خلاها خسر الملايير من الدولارات. ومن
جهة كانت عند نتائج سلبية في مجال الاقتصاد والتواصل بشكل عام. ولعل السبب
الحقيقي للضجة التي سببها انقطاع هذه الوسائل يرجع بالدرجة الأولى إلى التحديث
التي قامت بها شركة فاسبوك، حيث أصبحت جميع التطبيقات التابع لفاسبوك خاضعة لخوارزميات موحدة، بهدف تحديد المستهدفين
من الحمالات الإعلانية بشكل أكثر دقة وتحديدا.
لكن إذا توقفنا
لحزة للتأمل سوف نلاحظ الكثير من الأشياء، أهمها أن هذه الشركات تسعى إلى الربح
بالدرجة الأولى، حتى لو كان ذلك الأمر سؤثر سلبا على الشباب والمراهقين. الغاية
تبرر الوسيلة، قصد توجيه الحملات
الإعلانية بشكل ناجح وفعال، دون مراعة الصحة النفسية للناس أي المصلحة العامة.
جشع الشركات يجعلنا سلعا:
إذن من أهم التحديات التي تواجها شركة
فاسبوك، هو الصراع بين الحفاظ على خصوصية
الناس وكرامتهم، أم تبيعها من أجل الربح وجني المال، المشكل أنها غلبت كفت المصلحة
الشخصية للشركة عن الصالح العام، بالنسبة لهم أصبح الناس مجرد سلع تباع وتشترى، وهو ما يعني أن مستخدمي تلك الخدمات معزولون
بشكل أو بآخر عن العالم، وموضوعون داخل فقاعة.
حتى نفهم الأمر
بشكل أكثر وضوحا إذا عدنا إلى الوراء مع شركة كامريج أنلتيك، نجد أنها اشترت
معلومات من الفاسبوك وعرفت التوجهات السياسية، وقد استخدمها ترامب في الانتخابات
الأمريكية، لأن تحليل البيانات، يقود إلى إدراك التوجهات العامة في المجتمع، الشيء
الذي أدى بالشركة إلى ضجة كبيرة، زد على ذلك أن فاسبوك يعلم عن بعض المجموعات
العنصرية والاجرامية لكنه لا يبلغ، كما أنه
توجد صفحات تتجارب بالبشر، وتجارة المخدرات لكن الفاسبوك لا يقوم بمتابعتها
بكل صارم.
مشكلة الفيلتر الخاص
بالانستجرام:
وإذا عدنا إلى الطريقة التي تشتغل بها هذه التطبيقات ندرك، أنها تبيع الأوهام والخدع للشباب، مثلا الانستيغرام بسبب الفيلتر يقود إلى الاكتئاب بسبب المقارنة مع المشاهير، لدينا بيانات تؤكد على هذه الأضرار لكن لا تفعل شيء. خوارزميات لا تأبه بالصحة النفسية للناس، رغم أنها تعرف أنها ضارة.
في السياق ادعوكم إلى مشاهدة مراجعة الفيلم
وثائقي من انتاج نيتفليكس يتكلم عن هذا الأمر المأزق الاجتماعي: the social dilemma يؤكد هذه الحقيقة، حيث
تكلم الكثير من الخبراء الذين كانوا يشتغلون مع الفاسبوك على هذ الأمر وخطورته،
كيف ثم استغلال العلوم الإنسانية، والنفسية في سبيل زيادة الأرباح والمصالح الخاصة
بالشركات الكبرى.
حيث يخاطب
الفيلم أي شخص يستخدم منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الشهيرة، وعلى رأسها:
فيسبوك وإنستغرام، كما أن الفيلم مبني على
المعلومات الداخلية وشبه الخطيرة التي يقدمها مبرمجون ومصممون اعتادوا العمل في
تلك الشركات الضخمة، بل وأشرفوا على تطوير تقنيات من شأنها جذب أكبر قطاع ممكن من
البشر، قبل أن يكتشفوا وقوعهم هم أنفسهم في فخ إدمان تلك المواقع وعدم قدرتهم على
الاستغناء عنها.
ظاهرة تغير العقل:
يوجد كتاب مترجم للعربية "تغير العقل" للكتابة سوزان
غرينفيلد، تكلمت فيه عن التغيرات التي أحدثها الثورة المعلوماتية على أدمغتنا، كما
أن هذا الكتاب يعتبر من أفضل الكتب التي قرأت في السنوات، يحاول أن يرصد أهم
التغيرات التي أنتجتها التقنيات الرقمية على عقلونا، لأن القفزة المعلوماتية التي
عرفها النوع البشري غير مسبوق على جميع المستويات.
المراجعة الخاصة بالكتاب: