شجع الشركات يحرمنا الاستقلالية والحرية:
منذ أيام تفاجئ الجميع في أنحاء العالم بعطل في موقع وتطبيق فيسبوك، لدرجة أنه اختفى تماما من على الإنترنت، الشيء الذي أدى إلى أزمة بكل المقاييس الشيء الذي دفع الكثير من رجال السياسة والإعلام والاقتصاد إلى رصد هذه الظاهرة. لأن الفاسبوك كان يعاني من فضيحة التسريبات التي قامت بها موظفة سابقة بالشركة، الشيء الذي أربك شركة فيسبوك، لأنها كانت تقوم ببعض الأنشطة والأفعال المخالفة للأخلاق والقوانين، لأن هذه الشركة تغلب في معظم الأحيان مصلحة الشركة التي تتجلى في الربح، بدل المصلحة عامة، فإنها الكارثة بكل المقاييس، ولعل ما نشهده اليوم مع الشركات الكبرى من قبيل الفايسبوك خير دليل، أن الشركات الكبرى تسعى إلى الربح حتى لو كان على حساب المصلحة العامة.
الإدمان .. خطر في الماضي وشبح مستتر في المستقبل
ولعل السبب الحقيقي للضجة التي سببها انقطاع هذه الوسائل يرجع بالدرجة الأولى إلى التحديث التي قامت بها شركة فاسبوك، حيث أصبحت جميع التطبيقات التابع لفاسبوك خاضعة لخوارزميات موحدة. بهدف تحديد المستهدفين من الحمالات الإعلانية بشكل أكثر دقة وتحديدا.
وقد قمات المهندسة فرانسيس هوغن بمقابلة في برنامج 60 minutes الشهير، وقدمت تصريحات صادمة حول الفاسبوك، لهذا يقول بعض الخبراء، إن الشركة أعلنت عن العطل في شركاتها الثلاثة ، خلال ساعات قليلة جدا بعد نشر هذه المقابلة ، واخترعت قصة ركيكة عن الهكر الصيني الطفل.
وقد كانت السيد هوغن، من الرواد الكبار في هذه الشركات، باعتبارها مهندسة لعشر سنوات في شركة فاسبوك، لديها تخصص في هندسة الكمبيوتر وتحمل شهادة ماجستير من هارفارد ولها باع طويل في هذا المجال. حيث قامت بتسريب معلومات ومعطيات مهمة، ترتبط بالاستراتيجية التي تشتغل بها الشركة، في مجال السوشل ميديا، تدين منصات فيسبوك وانستقرام بتهم خطيرة كان قد أنكرها مارك زوكيربيرج تماما في استجوابه الشهير أمام الكونغرس الأمريكي.
حيث كانت تدور التهم حول فكرة أساسية، أن هذه الشركات تستغل الخوارزميات الرياضية، قصد توجيه الحملات الإعلانية بشكل ناجح وفعال. و تذكر فرانسيس أيضا أن الشركة في كل مرة تقابل فيها باختيار صعب بين مصلحة العامة وبين مصالحها الخاصة وارباحها فإنها دائما تختار مصالحها.
خطة فيسبوك للسيطرة على عقولنا
ولعل الفيلم الوثائقي، المأزق الاجتماعي،
يؤكد هذه الحقيقة، حيث تكلم الكثير من الخبراء الذين كانوا يشتغلون مع الفيسبوك
على هذ الأمر وخطورته، كيف ثم استغلال العلوم الإنسانية، والنفسية في سبيل زيادة
الأرباح والمصالح الخاصة بالشركة. كما أن فرانسيس تذكر أن كثيرا من الموظفين من داخل الشركة حاولوا
تنبيه إدارة الشركة على أمور كثيرة تتعارض مع مصلحة العامة وكان يتم تدمير هذا
الموظف تماما ، وهو ما جعلها تصور سرا عشرات الآلاف من المستندات كأدلة قاطعة لن
تستطيع الشركة إنكارها وتسريبها للخارج، وبدأت أولا كمجهولة للهوية حتى مقابلتها
البارحة على العلن ولأول مرة.
يخاطب الفيلم أي شخص يستخدم منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الشهيرة، وعلى رأسها: فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغوغل وإنستغرام، كما أن الفيلم مبني على المعلومات الداخلية وشبه الخطيرة التي يقدمها مبرمجون ومصممون اعتادوا العمل في تلك الشركات الضخمة، بل وأشرفوا على تطوير تقنيات من شأنها جذب أكبر قطاع ممكن من البشر، قبل أن يكتشفوا وقوعهم هم أنفسهم في فخ إدمان تلك المواقع وعدم قدرتهم على الاستغناء عنها.
وهو ما دفع بعضهم لمحاولة إيجاد حل أو على الأقل توعية المهووسين بتلك المنصات بالضرر البالغ الذي تحدثه في حياتهم، إيمانا منهم بأن التغيير لن ينتج إلا إذا حدث ضغط جماهيري يهدد المكاسب المادية الطائلة التي يجنيها أصحاب تلك الشركات.
أنت السلعة الأساسية:
من أهم التحديات التي تواجه الشركات الكبرى هو الصراع بين الحفاظ على خصوصية الناس وكرامتهم، أم تبيعها من أجل الربح وجني المال، المشكل أنها غلبت كفت المصلحة الشخصية لشركة عن الصالح العام. أصبح الناس مجرد سلع تباع وتشترى لكنها ليست لها قيمة أو جماعة. وهو ما يعني أن مستخدمي تلك الخدمات معزولون بشكل أو بآخر عن العالم، وموضوعون داخل فقاعة ليست دوما من اختيارهم، مما يجعلهم لا يشاهدون سوى وجه واحد للعملة يختلف تماما عن الوجه الذي يراه الآخر حتى لو كان ذلك الآخر شريكهم في الحياة.