التفكير الناقد:
يهتم التفكير
النقدي بدراسة المعلومات والمعارف بشكل موضوعي، وإصدار حكم منطقي يتضمن تقييم المصادر،
مثل البيانات ونتائج البحوث والحقائق والظواهر التي يمكن ملاحظتها، بحيث يمكنك
كمفكر ناقد، استخلاص استنتاجات معقولة بعد الاطلاع على مجموعة من المعلومات
والمعارف والتمييز بينها من أجل حل مشكلة أو قضية، ومن جهة أخرى تعتبر مهارات
التفكير النقدي فعلا مساهما، في كل المجالات والقطاعات المعرفية التي تطور الحياة
الإنسانية.
حيث يعتبر الفيلسوف اليوناني سقراط (469-399 قبل الميلاد) أحد الشخصيات
المؤسِّسة في الفلسفة اليونانية والغربية عامة، للتفكير النقدي، وكان يستخدم أسلوب
الحجاج لتثقيف زملائه في أثينا واستثارة تفكيرهم، وكان يحادث الناس في الشارع
ويسألهم عن الشجاعة أو المعرفة أو العدالة، ثم يقدم حججه لإظهار أن تصوراتهم حول
هذه الموضوعات مشوشة أو غير صحيحة. يعد من الأوائل الذين ساهموا في نشر هذا النموذج
الذي يعزز عملية المسائلة والنقد والشك تجاه ما نتلقاه من معلومات وحقائق، ولكن
عبر التاريخ تغير تعريف التفكير الناقد، حيث يعرفه الفلاسفة وعلماء النفس اليوم
بشكل أفضل (وهو مفهوم معقد جداً). وهو نوع من الممارسة
الذهنية يركز على فحص المعطيات والمعلومات، قبل أن يتم تقبلها،
أهمية التفكير الناقد:
الإنسان منذ بدايته، فطن إلى أهمية
التعليم ودوره في التقدم والتنمية، وفي هذا الصدد جاءت مجموعة من الأليات التي
تهدف إلى تطوير مهارات التفكير النقدي عند الإنسان، من أجل أن يعيش حياة مرتاحة
مليئة بالسعادة، ولا زالت المسيرة في طريقها نحو المستقبل. لهذا تجدر الإشارة إلى أهمية التعليم، فهو
الطريق إلى المعرفة، ومن يمتلك المعرفة يمتلك أسباب النجاح، والإنسان بدون تعليم يظل
معاقا ذهنيا ومعرفيا.
لهذا
السبب يعتبر التفكير النقدي فعلا إنسانيا مشترك بين الجميع، مهما كان مجال تخصصك أو عملك، فإن مهارات
التفكير الناقد ستكون ذات صلة بتميزك ونجاحك. لأنه يعتمد مستقبلنا على التكنولوجيا
والمعلومات والابتكار، وهناك حاجة إلى التفكير النقدي لاقتصادات سريعة النمو، ولحل
المشاكل بأسرع ما يمكن وبفعالية كبيرة.
وبالإضافة
لذلك فإن التفكير النقدي ينمي المهارات اللغوية والذهنية لدى الأطفال والمراهقين،
ويعزز
التفكير الناقد الإبداع: وهذا من أهم فوائد التفكير النقدي أيضاً، بحيث تستطيع ليس
حل المشكلات فحسب، لكن الخروج بأفكار جديدة ومبتكرة للقيام بذلك، كما يسمح التفكير
النقدي بتحليل هذه الأفكار الجديدة وتعديلها.
ما هو التفكير النقدي؟
التفكير الناقد هو القدرة على رؤية
العالم من منظور أكثر موضوعية، وذلك من خلال جمع الحقائق والبيانات والمعلومات من
مصادر مختلفة، من أجل حل المشكلات أو تحقيق النتائج المرجوة في عمل أو موقف ما أو
اتخاذ قرارات مناسب، عن طريق تقديم حجج تقوم على الأسباب والدوافع التي تنهض كمبرر
لفعل أو سلوك ما. لهذا فإن الحجاج إحدى
الأدوات المهمة في النقاش. وإذا ما تتبعنا كثيرًا من الحوارات المتصلة
بمسائل فكرية وسياسية، وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نجد الكثير من الأحكام
والتصورات والمواقف الغير موضوعية. نجد نوعا من "الثرثرة" أو الاكتفاء
بانطباعات هنا وهناك، ولكن أن يتم التعليق على حجاج عقلي بمثل تلك التعليقات التي
لا تقوم على حِجاج مضاد أو تستنكف عن النقاش بمحاولات التسخيف أو ادعاء الوضوح، هنا
تأتي أهمية التفكير النقدي الذي يساهم في نشر الوعي والموضوعية في التحليل
والنقاش.
التفكير النقدي والديمقراطية:
من المعلوم أن ظهور الممارسة
الديمقراطية ارتبطت بحرية الإنسان، وقدرته على تجاوز نمط التفكير الخرافي،
واستبداله بالتفكير العقلاني، حيث تتشكل الحضارة الإغريقية البوابة الرئيسة لتنمية
الحرية والقدرة على المناقشة، التي تعزز ثقافة الحوار وتبادل الأراء والمواقف
والتصورات، لذلك نحتاج إلى التفكير النقدي في هذا العالم، حتى تتعزز ثقافة الحوار
والتواصل وأحترم الاختلاف والتعدد.
فوائد التفكير النقدي:
على المستوى الاجتماعي فإن الأشخاص
الذين يمارسون التفكير الناقد تكون لهم القدرة على التواصل والحوار وبناء علاقات
اجتماعية، ويجعلهم لا يأخذون أي شيء من ظاهره، ولا يتوقفون
عن طرح الأسئلة أبداً، ويستمتعون باستكشاف جميع الجوانب في أي قضية والحقائق
العميقة التي تختبئ في جميع أنماط المعلومات، من خلال طرح أسئلة أبسطها: ماذا
يحدث؟ ماذا أرى؟ لماذا هو مهم؟ من يتأثر بهذا؟ ماذا ينقصني؟ ما هو المخفي ولماذا
هو مهم؟ من أين جاء هذا؟ كيف أعرف بالتأكيد؟ من يقول هذا؟ لماذا أستمع لهذا الشخص؟
ماذا يمكنهم أن يعلموني؟ ماذا يجب أن أفكر؟ ماذا لو
القدرة على حل المشكلات:
يمكننا التفكير النقدي من تعلم جملة من المهارات
والقدرات التي تمكن الإنسان من التواصل والحوار بأشكال مختلفة ومتنوعة، تطوير
العديد من المهارات منها: المهارات المنطقية، التفكير التحليلي، مهارات التقييم
والتنظيم والتخطيط واللغة، كذلك القدرة على التأمل الذاتي والانفتاح، بالإضافة إلى
القدرة على اتخاذ القرار.
تعزيز الاستقلالية:
عندما نفكر بشكل نقدي، يكون تفكيرنا
ذاتي التوجيه ومنظم ومن ثم نمتلك عقلية تتميز بنوع من الحرية والقدرة على المساءلة
والمواجهة، ولا نكون تابعين للجماعة تمكن الفرد من الإنجاز والفاعلية والعمل بشكل
مستقل مقارنة بأنماط الشخصية التي تظل على حالها.
ما هي مهارات التفكير الناقد؟
حينما نمارس
مهارات التفكير، سوف
تقوم بفرز وتنظيم الحقائق والبيانات والمعلومات الأخرى، لتحديد المشكلة وتطوير
حلول فعالة، وهناك العديد من مهارات التفكير النقدي، لأنه كلما يمكن للأشخاص
الملتزمين الشعور بسرعة وتحديد مشكلة جديدة، وأولئك قادرون على فهم سبب وجود مشكلة
في الأصل، وقد يكونون قادرين على التنبؤ بوقت حدوث المشكلة قبل حدوثها بناءً على
خبرتهم.
بمجرد تحديد المشكلة، تصبح مهارات
التحليل ضرورية، بحيث تتضمن؛ القدرة على تحليل الموقف ومعرفة الحقائق أو البيانات
أو المعلومات حول المشكلة، فالتحليل مهارة أساسية لحل المشكلة في نهاية الأمر.
ومن جهة أخرى يساعدنا التفكير النقدي في تقديم أفكار ومعطيات بطريقة استدلالية، حول المعلومات، التي تجمعها وقد تتطلب
منك امتلاك المعرفة أو الخبرة الفنية أو الخاصة بمجال ما، وعندما تستنتج معلومات
حول موقف ما، فهذا يعني أنك تطور إجابات بناءً على معلومات محدودة، على سبيل
المثال قد يحتاج ميكانيكي السيارة إلى استخدام مهارات الاستدلال لتحديد سبب توقف
محرك السيارة لأسباب تبدو غير منطقي.
التفكير النقدي ومهارات التواصل والحوار:
يعتبر التواصل أهم عملة في الحياة
الإنسانية، منذ لحظة الولادة ونحن نتعرض لجملة من الوسائل التي نتواصل بها مع
العالم الخارجي، لهذا السبب فإن مهارات الاتصال مهمة أثناء مناقشة قضية أو مشكلة
كيفما كان شكلها ونوعها. ومناقشة القضايا والحلول الممكنة لها مع الزملاء وأصحاب
العلاقة الآخرين، لهذا نجد التفكير النقدي يعزز عملية التواصل والحوار بين الناس
على مستوى الشكل والمضمون.
من هذا المنطلق يمكن القول إن مهارات التواصل مهمة، يجب امتلاكها وتحسينها لأغراض عديدة في العمل، بما في ذلك التفكير النقدي.، فبعد تحديد المشكلة وتحليلها ومناقشة الحلول الممكنة، فإن الخطوة الأخيرة هي تنفيذ الحل، ويتطلب حل المشكلات تفكيراً نقدياً لتنفيذ أفضل، وفهم ما إذا كان الحل يعمل من حيث صلته بالهدف أم لا.
أنماط التفكير السطحي:
بناء الأحكام المعمم بدون خلفية
موضوعية وعلمية، يقلص من العقلية التي تفعل عملية الحوار والنقاش العقلاني
والموضوعي. مثل هذه الاستنتاجات والتعميمات هي أقرب إلى الانطباعات منها إلى بناء
حجج متماسكة، وتتنوع أسباب التعجل. الشيء الذي ينتج عنه جملة من الأحكام الجاهزة
التي لا تفعل أي عملية تعليمية أو تكونية في بناء المعرفة الإنسانية والتواصلية.
ويحدث هذا الأمر بسبب الرؤية الانتقائية أو بدافع سياسي تفرضه الخصومة واستثمار
الفرصة للنيل من الخصم، ومثل هذا يقع من بعض القنوات الإعلامية في سياق السجال؛
فهي تنقل معلومة صحيحة، ولكنها غير مكتملة وقد تثير انطباعات مضرة بالحقيقة.
في الختام يمكن القول إن التفكير
النقدي يساعد في تطور الذكاء الإنساني، وكلما صار ملكة لدى الإنسان أمكن استخدامها
بطرق مختلفة وفي مجالات متنوعة. ويساعد
التفكير الناقد في تعزيز ملكة التفكير والوعي الذاتي، يدفع الإنسان إلى اتخاذ
القرارات السليمة في الوقت المناسب والمكان المناسب، الأمر الذي يعزز ثقافة
الاستقلالية والمسؤولية تجاه الذات والأخرين.