لماذا يلجأ التلاميذ إلى الغش في الامتحانات؟
وما هي الأسباب المفسرة للظاهرة؟

الغش حالة معرفية ونفسية يقوم بها الإنسان قصد الوصول إلى بعض الغايات باستعمال وسائل غير مشروع قانونيا وأخلاقيا، وهو محاولة الحصول على مساعدة من شخص آخر بهدف ائتمان العمل، وتحسين تقييم الأداء، إذا لماذا يلجأ التلاميذ إلى الغش؟ وهل حقا هناك زجر للغش؟ وما هي الحلول الممكنة تفعيلها لتجاوز هذه الظاهرة؟
نعيش في ظل ثورة تكنولوجية تسهل كل أشكال الغش، عبر ابتكار وسائل وطرق "الحديثة" التي لم تخطر من ذي قبل حتى وصل إلى درجة الكمال والبلوغ في الاهتداء إلى أنجع السبل وأكثرها تطورا، مسجلا بذلك براءات اختراع مبهرة.
لماذا يغش التلاميذ؟
أضحت هذه الظاهرة مستفحلة بالشكل الذي
يجعلها غير غريبة ولا حتى الطلبة يشعرون بالنقص وهم يتحدثون عن نيتهم وبإصرار كبير
على الغش، فحديثهم عنه قبيل الامتحانات كمثل نقاشهم عن فحوى المحاضرات. وتجدر
الإشارة إلى أن ممارسة الطالب لسلوك الغش في الاختبارات لا يعد مظهرا من مظاهر عدم
الشعور بالمسؤولية وحسب بل إفسادا لعملية القياس وبالتالي عدم تحقيق أهداف التقويم
في مجال التحصيل الدراسي.
وعليه فإن عدم تحقيق أهداف التقويم في مجال التحصيل الدراسي، وخطورة الغش في الامتحانات لا تكمن في الجوانب المدرسية فقط بل تؤثر أيضا على المستويات النفسية ونظرتهم لذواتهم تكون منحطة ولا يكون لديهم رؤية واضحة للحياة. وإذا استمر هذا الأمر في المشوار الدراسي، سوف يزيف شخصية التلميذ ويجعله خنوعا وضعيف الشخصية.
إشكالية الكم في المقررات:
في الكثير من الأحيان يبرر التلاميذ
غشهم بأنه جاء نتيجة الكم الهائل ديال المعلومات التي يمتحنون فيها ولا يتعلمون
مهارات عملية، وأغلبها دروس معقدة وغير قابلة للفهم وعسيرة على الحفظ، وتتطلب
استثمارا مهما في الوقت. لهذا، يلجأ بعض التلاميذ إلى الغش لرغبتهم في ربح الزمن،
بتقليص الوقت المخصص للدراسة، قياسا إلى الوقت المخصص للترفيه والأنشطة الثقافية
والحرة.
و الغش في الامتحانات لا ينفصل عن عدد
من الممارسات المنحرفة déviantes الأخرى، فالتلاميذ الذين يغشون في
الجامعة، مثلا، سبق لهم أن غشوا في التعليم الثانوي، ومن جهة أخرى فإن عملية الغش تدمر
التلميذ نفسيا ومعرفيا، لأنها تساعده في تعزيز ثقافة العجز المكتسب، يصبح العقل
غير قادرا على تحفيز أنشطته التي تقوم بالعمل والإنجاز والعطاء، من أجل تحقيق النجاح في الحياة الشخصية والمهنية.
الغش يدمر المستقبل الدراسي لدى التلاميذ:
تؤكد العديد من الدراسات العلمية، أن التلاميذ
الذين يغشون، تتميز بانخراط أقل في الدراسة، والبرامج التعليمية، لأنه تترسخ داخل
عقولهم فكرة النجاح السهل والسريع بدون مجهود. ومن جهة أخرى يقضون وقتا كبيرا في
بعض أشكال الترفيه التي تبدر الوقت والطاقة، وينخرطون كثيرا في مواقع التواصل
الاجتماعي ومشاهدة الأفلام والمسلسلات ويقضون وقتا ضئيلا في تعلم مهارات جديدة؟
ما العمل لمواجهة ظاهرة الغش؟
محاربة الغش
لا يجب أن تقتصر على الحملات الاعلانية التي تأتي قبيل الامتحانات إنما يجب أن
تصبح ثقافة داخل المجتمع، والعمل على تعزيز قيم المواطنة وترسيخ فكرة المسؤولية وأن
الغاية من التعليم ليست الحصول على النقط إنما تعلم مهارات عملية ومهارات عملية
وميدانية يمككن أن نستفيد منها في الحياة المهنية والعملية، كما أن تعزيز دوافع التعلم الذاتي، تشجع التلاميذ على الثقة في
قدراتهم وإمكانية التعلم.
خطوات عملية لتقليص ظاهرة الغش:
تقليل المتطلبات التي يكلف بها التلاميذ أثناء الامتحانات، كالتقيد بطريقة معينة من الإجابة، التقيد كذلك بعدد الصفحات، ضرورة الإجابة بمثيل فحوى المحاضرات.الاحتفاظ بفاصل زمني بين مواد الاختبار ليومين على الأقل، فهذا أدعى لتمكين التلاميذ من التركيز والاستعداد للاختبار.
ولا شك في أن مواجهة ظاهرة معقدة، مثل
ظاهرة الغش في الامتحانات، تتطلب عددا من المداخل البيداغوجية والديداكتيكية
والايثيقية والتنظيمية والسياسية… إلخ.
· اعتبار
المدرسة مكانا للتعلم والارتقاء، بدلا من أن تصير مكانا للاختبار المتواصل وللتحقق
الدائم من أداء التلميذ.
· إعادة
النظر في مفهوم التقويم الدراسي والسعي إلى الحرية والمدنية، بدل التعليم، التي
يقوم شحن التلاميذ والتركيز على النقط.
· تقليص
الرهانات المصاحبة لعملية التقويم، لا سيما في الامتحانات الإشهادية، فمشكل الغش
يحيل إلى منظومة تقوم على التنافس الشديد والانتقائية المفطرة، الأمر الذي يشجع
على اللجوء إلى الغش.