التعلم وتطوير المهارات التعلم وتطوير المهارات
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

المحور الرابع: نموذج السوسيولوجيا. ذ أيوب الوكيلي

 


ماهي السوسيولوجيا؟

يعتبر علم الاجتماع من بين أهم فروع العلوم الإنسانية، فإذا كان علم النفس يهتم بالجانب الفردي والنفسي للحياة الإنسانية، فإن علم الاجتماع يدرس الإنسان داخل بناءه الاجتماعي.  وقد ارتبط علم الاجتماع تاريخيا بالقرن التاسع عشر ميلادي، وكانت نشأته في أوروبا مرتبطة بظروف اجتماعية واقتصادية، وهنا تطور علم الاجتماع الذي يدرس الإنسان باعتباره فرد يعيش داخل جماعة أي علاقته بالآخرين.

الطرح الاشكالي:

 إلا أن الحديث عن علم الاجتماع كعلم قائم بذاته أي ابتداء من نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين يطرح مجموعة من الإشكاليات سواء على مستوى الموضوع وعلى مستوى المنهج، الشيء الذي يقودنا إلى طرح جملة من التساؤلات والاشكالات:ما هي طبيعة الظاهرة الاجتماعية؟ وهل يمكن أن يكون الإنسان ذاتا وموضوعا للدراسة العلمية؟ ما هي طبيعة النظرية السوسيولوجية؟ وهل يمكن الحديث عن نظرية شاملة في علم الاجتماع؟ إلى أي حد يمكن تحقيق الموضوعية في علم الاجتماع؟ وما هو المنهج الذي يعتمده في دراسة موضوعه؟ وما هي النظريات التي يعتمدها في فهم موضوعه؟

موضوع علم الإجتماع:

لكل علم موضوع خاص به، ينفرد بدراسته. وبالنسبة لموضوع علم الاجتماع فهو الظاهرة الاجتماعية أو ما اصطلح عليه دوركايم بالواقعة الاجتماعية، لكن هل كل ظاهرة نطلق عليه ظاهرة اجتماعية هي ظاهرة اجتماعية؟ يميز عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم، في كتابه “قواعد المنهج في علم الاجتماع”، بين ما يعتبر ظاهرة اجتماعية وبين ما لا يعتبر ظاهرة اجتماعية، والهدف من ذلك هو تحديد الموضوع الخاص بعلم الاجتماع.

وبعد تحديده لما لا يعتبر موضوعا لعلم الاجتماع، قام دوركايم بتبيين الخصائص التي تمتاز بها الظاهرة الاجتماعية، والتي من بينها: الخارجية: أي أن الظاهرة الاجتماعية توجد في المجتمع، القهر والإلزامية: أي أن الظاهرة الاجتماعية تمتاز بقوة قاهرة هي السبب في أنها تفرض نفسها على الفرد أراد ذلك أو لم يرد.

منهج علم الاجتماع:

من الطبيعي أن اختلاف الموضوع يؤدي بالضرورة إلى اختلاف المنهج، لذلك نجد اختلافا من حيث المنهج المتبع في دراسة الظاهرة الاجتماعية. وعموما يمكن التمييز بين منهجين، منهج التفسير ومنهج الفهم. الأول ينطلق من تصور الظاهرة الاجتماعية كشيء يتميز بالخارجية والاستقلال عن الذات، وبالتالي يمكن دراستها كما تدرس الأشياء، بحيث ينطلق عالم الاجتماع من حالات جزئية ليقوم بعد ذلك بتعميم النتائج التي توصل إليها، وهذا المنهج يتبناه مجموعة من علماء الاجتماع أمثال إميل دوركايم.

 ومن جهة أخرى يوجد المنهج التفهمي، الذي ينطلق من الـتأكيد على اختلاف الظاهرة الاجتماعية عن الظاهرة الطبيعية، فهي تتميز عنها بالوعي، وكما يقول ستراوس " يبدو أن الوعي هو بمثابة العدو الخفي لعلوم الإنسان" حيث يقوم هذا المنهج على التأويل من أجل فهم الظاهرة الاجتماعية مع استحضار الوعي والإرادة الإنسانية.

نظريات علم الاجتماع: النظرية الوضعية، النظرية التفهمية

تصور أوغست كونت: المدرسة الوضعية في علم الاجتماع 

     ومن أبرز من قاموا بصياغة وبناء النظرية الوضعية نجد أوغست كونت، الذي أكد على ضرورة فهم المجتمع وظواهر فهما وضعيا، وهو أول من نحث مصطلح السوسيولوجيا وذلك سنة 1839 عوض مصطلح الفيزياء الاجتماعية، وقد جاء هذا العلم نتيجة لتطور المجتمعات الأوروبية من مجتمعات تقليدية فيودالية، إلى مجتمعات صناعية، و كان موضوعها الأساس هو دراسة هذه الظواهر الاجتماعية مثل ما تدرس العلوم الأخرى الظواهر الفلكية والفيزيائية والكيميائية والبيولوجية.

وحسب أجست كونت فإن علم الاجتماع، ينقسم إلى نوعين، ظواهر يمكن أن تدرس في حالة تأثيرها المتبادل وهو ما يطلق عليه علم الاجتماع الستاتيكي، يدرس المجتمع دراسة وضعية وتجريبية وعقلانية في آن واحد، بحيث لا يمكن أن نبدأ دراسة ظاهرة أو مؤسسة من بينها دون أن نقف على ضرورة البحث في علاقة التأثير والتأثر المتبادلة بينها وبين مجموعة الظواهر والمؤسسات الأخرى.  ومن جهة أخرى هناك ما يسمى بعلم الاجتماع الديناميكي، الذي يدراسة الوضعية التعاقبية لحالات المجتمعية وبيان القوانين التي تجعل اللاحق منها ينتج عن السابق، وذلك لأن مجموع هذه القوانين هو الذي يحدد مسيرة التطور البشري.

تصور: اميل دوركايم:

تعقب "إميل دوركهايم" سبيل "كونت" حيث حدد موضوع علم الاجتماع بأنه دراسة الظواهر الاجتماعية، وقد تأثر بالنظرية الوضعية، إضافة إلى تأثره بأعمال الفيلسوف العقلاني رينيه ديكارت (1596-1650) حيث أراد أن يدرس الظواهر الاجتماعية بشكل عقلاني علمي بعيدا عن التنظيرات الفلسفية، المتعالية.

حيث يرى أن الظواهر الاجتماعية عبارة عن نماذج خارج الأفراد، "عبارة عن نماذج من العمل والتفكير والشعور التي تسود مجتمعا من المجتمعات، والتي يجد الأفراد أنفسهم مجبرين على اتباعها في عملهم وتفكيرهم". ومن أجل توضيح فكرته يقدم لنا مثالات توضيحيا، "عندما أقوم بواجبي كأخ أو كزوج أو كمواطن، وعندما أنفذ التعهدات التي قطعتها على نفسي، فإني أقوم بواجبات حددتها القوانين والعادات بصورة مستقلة عني وعن أعمالي، وكذلك الشأن في العقائد والعبادات، فالمؤمن بها وجدها كاملة عندما ولد، وإذا كانت هي موجودة قبله، فذلك لأنها وجدت بصورة مستقلة عنه.. (...)، بحيث إذا خالفت القوانين العامة، ثار المجتمع على محاولا منع عملي وإعادته إلى الصورة الطبيعية، أو معاقبتي إذا لم يتم ذلك... فأنا أخضع لما تواضع الناس على لباسه، كما يجب على الخضوع للعادات، وإلا أثارت تصرفاتي الضحك و الاستهزاء..".

إذن فإن السوسيولوجيا هدفها الأساس، تحديد الثوابت والقوانين والقواعد التي تحكم المجتمع في أبنية نظرية تهدف إلى كشف المشكلات والظواهر التي تحكم هذا المجتمع، وهذا الكشف يتم بتحديد وتعيين الظواهر الاجتماعية والكشف عن العلاقات السببية التي تقود إليها.

المنهج التفهمي: نموذج ماكس فيبر

وأما بخصوص النظرية التفهمية فهي النظرية التي تؤمن بأن سلوك الفرد داخل المجتمع محدد بغايات ومقاصد، ويحمل دلالات تحتاج فهما من طرف الباحث السوسيولوجي. لذلك يؤكد أنصار مؤسسو هذه النظرية على ضرورة اعتماد المنهج التفهمي الذي يقوم على فهم وتأويل الدلالات وفهم المقاصد والغايات. وأبرز مؤسسي النظرية التفهمية عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر.


 

عن الكاتب

ayoub loukili

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

التعلم وتطوير المهارات