الخطأ الشائعة: كتابة الفلسفية في الامتحانات الوطنية
الإنشاء
الفلسفي، فعالية معرفية تحتاج إلى تمرن دائم ومجهود متواصل، حتى نتمكن في نهاية
المطاف من اكتساب الاليات المنهجية والمعرفية التي تسعفنا في كتابة موضوع فلسفي
بالمواصفات المطلوبة مع احترام جملة من الشروط من أبرزها: التدرج، الوضوح، الدقة،
اللغة السليمة، التناسق المنطقي في إنجاز البرنامج.
الإنشاء الفلسفي التّلاميذي بين القيود المنهجية والرغبة في التحرر:
المقالة الفلسفية
إبداع للتلميذ، فالفلسفة ليست مجال لاستعراض الأفكار بطريقة ميكانيكية بل هي فضاء
خصب يتيح إمكانية الخلق، النقد، التساؤل، والمراجعة والتجاوز، لكن من خلال
الممارسة الفعلية والاحتكاك الدائم بالتلاميذ داخل الفصل يتجلى الغياب الكلي لأبسط
الممارسات التي من شأنها اكساب المتعلم التقنيات الضرورية للكتابة الإنشائية
بالمواصفات التي تحدثنا عنها سلفا.
ومن ثم لا يتمكن التلميذ من الوقوف على أخطائه والعمل على تجاوزها في
الامتحان الوطني، بل ما يحدث في غالب الأحوال أن عدد كبير من التلاميذ يصطدمون
لأول مرة بصعوبات عدة أثناء الامتحان مما ينجم عنه عجز في كتابة موضوع متماسك حتى
وإن كان هؤلاء التلاميذ مزودين بحمولة معرفية لكنهم غير قادرين على تنظيمها
وتقديمها بالشكل المطلوب، ما داموا يفتقرون للعدة المنهجية التي تمكنهم من تحقيق
هدفهم.
سوف أحوال في هذا المقال رصد أهم
الصعوبات المنهجية التي يسقط فيها التلاميذ أثناء كتابة المقالة الفلسفية:
1-أزمة استعراض
المعلومات والمواقف:
في أغلب الأحيان
يستعرض التلاميذ المعارف بطريقة الية دون الأخذ بعين الاعتبار مضمون الموضوع
المطروح في الامتحان، حيث أن عدد من التلاميذ يكتفون بعرض المضامين، التي حصلوها أثناء
فترة الدراسة، في حين أن الغرض من أي موضوع هو تحليله والعمل على مناقشته، من خلال
الخطوات المنهجية المحددة لعملية التحليل والمناقشة.
2- الإطناب في المقدمة:
الإطالة في التقديم، حيث يعمل بعض التلاميذ على توظيف معلومات قد
تكون لا علاقة لها بالموضوع أو موظفة بطريقة غير صحيحة، إذ يمكن أن يكون مكانها
التحليل وليس لحظة الفهم.
3-المقدمات الجاهزة تدمر جودة الانشاء الفلسفي.
الانطلاق من تمهيد لا يتناسب والموضوع المطروح، وهذا الخطأ يحدث خصوصا
حينما يتقدم التلميذ إلى الامتحان وهو مزود بمقدمات جاهزة قبليا معتقدا بأنها تصلح
لأي موضوع في حين أنها لا تصلح لأي شيء، إن صياغة التمهيد تتم على أساس طبيعة
الموضوع وما يقتضيه من معرفة.
4- طرح بعض الإشكالات التي لا تربط بموضوع التحليل:
في كثير من الأحيان يتم تغييب الأسئلة، التي قد تطرح بشكل لا علاقة له
بالموضوع المطروح إن الأسئلة التي يتم طرحها في المقدمة يجب أن تعالج في مجملها
على مستوى التحليل والمناقشة ولا ينبغي اغفال أي سؤال منها.
5-تحليل
النص لا يعني إعادة كتابة مضامينه على ورقة التحرير:
يعد التحليل خطوة أساسية على مستوى العرض يكون الهدف منها الوقوف عند
مضمون النص أو القولة للكشف عن الأطروحة المتضمنة في إحدى الصيغ المشار إليها سلفا
والعناصر الحجاجية الداعمة لها، إذا كنا أمام نص لكن ما يحدث أن عددا لا يستهان به
من التلاميذ إما يقفز على هذه المرحلة وإما يعتمد على إعادة كتابة النص دون العمل
على تحليل عناصره وفهمها ومن ثم الكشف عن موقف صاحبها من الإشكال المطروح.
6- غياب الروابط المنطقية بين فقرات المقالة:
أثناء عملية
الكتابة يحتاج التلاميذ إلى ضرورة التركيز على بعض الروابط المنطقية المهمة حتى تتيح
إمكانية الانتقال من مستوى إلى أخر بشكل متدرج مثلا الانتقال من التحليل إلى
المناقشة أو من موقف إلى أخر.
7- حشو
المناقشة بالمواقف دون تحليلها:
الاكتفاء بعرض
المواقف بطريقة ميكانيكية على مستوى المناقشة، دون خلق حوار بينها، يتم عرض مواقف
لا علاقة لها بالموضوع المطروح، الشيء الذي يؤثر سلبا على جدودة
المقالة الفلسفية.
8-التركيب عملية طرح الرهانات وليس مجرد تكرار للأفكار والجمل:
اغفال الخاتمة بالرغم من قيمتها أو العمل على تسجيل استنتاجات لا
علاقة لها بالموضوع، إن الخاتمة هي حصيلة نهائية يتم من خلالها تقديم ما قاد إليه
مسار التحليل والمناقشة، من خلال إبراز الرهانات التي يعالجها الموضوع قيد التحليل
والمناقشة.
9-طرح إشكالات فيها انفتاح على الموضوع من زوايا مختلفة:
إنهاء الموضوع بطرح نفس الأسئلة التي ثم الانطلاق منها وكأننا لم
نستفد شيء أي أننا خرجنا من الموضوع كما بدأنا، هذه المسألة مرفوضة بل يجب ننفتح
على إمكانات ورهانات فلسفية جديدة مختلفة عن السابق.
10-
التركيز أثناء الكتابة حتى لا يسقط التلاميذ في عملية الإطناب:
يقع التلاميذ في
أزمة أخرى تتجلى في الإطناب، أي تكرار الأفكار نفسها في المقالة بصيغ مختلفة الشيء
الذي يجعل الموضوع غير متماسك ولا يستقيم مع شروط الكتابة الإنشائية.
بشكل عام هذه أهم الأخطاء التي تسجل أثناء الكتابة الإنشائية، يمكن تجاوزها من خلال القراءة الكثيرة، والكتابة لأن التعود على الكتابة هو الوسيلة الأساسية التي قد تساعد التلاميذ في امتلاك أسلوب متميز على مستوى اللغة والمعرفة.
في المقالة المقبلة سوف نقدم مجموعة من
الاقتراحات لتجاوز هذه الصعوبات في الكتابة الفلسفية لدى التلاميذ.